فلسطيننا توجعنا في ذكرى احتلالها

فلسطيننا توجعنا في ذكرى احتلالها
د.رياض ياسين/ رئيس لجنة فلسطين النقابية

نحن في حلِّ من التذكار ففلسطين فينا، وفينا عشب ربيع البلد، هي لحمنا الحيّ، وآخر ما تبقى من نبض عروقنا العروبية. نحن نقاوم التخاذل ولا نقاوم الأعداء،الذكرى ليست فكرة ، هي قطرة من بحر ليل طويل قضيناه على قارعة الأمل مترقبين نجوم السماء نعدها ولا نحصيها، وفي الحالين تزيد الآهات والأنات، لكن وعد الله لا محالة آت.

هي الوجع كله، وهي الأماني التي نعيشها مع فلسطيننا في ذكرى نكبتها الثانية والسبعين،فمنذ 15-5-1948 وفلسطين حبلى بالمآسي والآلام التي ابتليت بها على مر العقود الماضية.
وللتاريخ فإن النكبة لم تبدأ يوم 15 مايو من العام 1948، بل سبقتها عقود من التآمر والأطماع الصهيو استعمارية في البلاد العربية التي عانت وهانت نتيجة المؤامرات الدولية والتخاذلات العربية الرسمية.
يمثل 15-5-1948 مرحلة مفصلية في تاريخ فلسطين الحديث ،فقد قامت دولة الكيان على الأرض وبدأت معها مرحلة جديدة من الاستعمار الاستييطاني لدولة ما زالت تتوسع أفقيا وعموديا على حساب البلاد العربية المجاورة بلا رقيب او حسيب.
يوم 15-5 من كل عام ليس مجرّد ذكرى فقط للمأساة التي حلت نتيجة الإرهاب الصهيوني العنصري ضد سكان فلسطين وأهلها العرب الجاثمين على أرضهم منذ الاف السنين، فالشعب العربي الفلسطيني يعيش في نكبة دائمة، فرضتها ممارسات الصهاينة الوحشية ومن ناصرهم من المتساقطين المتهافتين الذين ركبوا موجة النفاق السياسي وصولا الى تحقيق مكاسب ومنافع مكشوفة، هؤلاء ارتضوا لنفسهم الخزي والمهانة والعار عندما قفزوا على دماء الشعب الفلسطيني وطعنوا امتهم في ظهرها، واعلنوا خضوعهم لمشروع الاجرام الذي تقوده الإدارة الأمريكية عرّابة الصهيونية في نسختها الجديدة،التي تعلن جهارا نهارا وبكل وقاحة ان أمن اسرائيل من أمن أميركا القومي، وكأن بلفور البائد قبل مائة عام أعاد حكاية التساقط السياسي لزعماء المافيا والبزنس الجدد في مستنقع التاريخ.
لم تكن النكبة الفلسطينية عام 1948 حدثا عابرا ، بل كانت مرحلة مفصلية شهدت تأسيس كيان استعماري استيطاني على الأرض العربية في فلسطين عشية انتهاء الانتداب البريطاني الذي قام بتهيئة الظروف لتأسيس هذا الكيان ليتوج الاستعمار الحديث بهذا المشروع البغيض. فقد كانت بداية القصة منذ المؤتمر الصهيوني الأول المنعقد في بال بسويسرا عام 1897م عندما اعلنت الحركة الصهيونية عن فكرة الوطن القومي لليهود على ارض فلسطين العربية، حيث قال تيودور هرتزل مؤسّس الحركة الصهيونية العالمية أنذاك، مخاطباً أعضاء المؤتمر “إنّكم بعد خمسين عاماً ستشهدون ولادة دولة إسرائيل”. ولاقى هذا المقترح استجابة من الدول الكبرى وتبنته بريطانيا، وعملت على تنفيذه باحتراف بعد اصدارها لوعد بلفور ، وقامت خلال انتدابها على فلسطين بالعمل على طرد السكان العرب الفلسطينيين وتهجيرهم والسيطرة على اراضيهم وممتلكاتهم بشتى الطرق، حتى اذا جاء العام 1948 باتت الفرصة مهيئة لاقامة الكيان الصهيوني المصطنع.
تستمر النكبة بمعان مختلفة في ظل محاولات الاحتلال الصهيوني لتغطية جرائمه وتمرير خططه الاستيطانية الإحلالية البغيضة وليس آخرها بالتأكيد الإعلان عن ضم غور الأردن وماتبقى من الضفة الغربية وفرض السيطرة الزمانية والمكانية على المسجد الأقصى المبارك، في محاولة لاستثمار الظرف التاريخي الدولي وانشغال العالم كله بجائحة الكورونا، لتكمل مشروعها وحلمها على حساب الأرض العربية بإقامة :اسرائيل الكبرى” وسط تهافت من قوى عربية رسمية وهرولة من قطاعات اعلامية تجلى في سقوط درامي في مستنقع التطبيع والتزوير التاريخي لفلسطين العربية وأخطر من ذلك ترويج الفكرة الصهيونية وقبول المشروع الصهيوني بسلاسة، كل ذلك بتأييد من بعض القوى الإقليمية ومن تجنده من أبواق وذباب الكتروني لتشويه تاريخنا العربي وطمس الحقوق العربية الفلسطينية.
rhyasen@hotmail.com

مقالات ذات صلة
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى