مأزق اقتصادي في 2016 / سلامة الدرعاوي

مأزق اقتصادي في 2016
أكبر تحدٍ أمام الخزينة في العام 2016 هو الوصول إلى التقديرات الافتراضية التي وضعت في قانون موازنة العام الحالي، أو حتى الوصول إلى نسبة مرضية من تلك الأهداف.
الوضع ليس بالسهل كما يتصوره البعض، إذ إن التحديات تتزايد على الاقتصاد الوطني من شهر إلى آخر، فالحدود العراقية ما زالت مغلقة بالكامل مع المملكة، وهو الأمر الذي يدلل على أن الصادرات الاردنية المتجهة إلى ذلك السوق، الذي يستحوذ على ما يقارب الـ25 بالمائة من إجمالي الصادرات الوطنية، ستواجه مأزقا كبيرا قد يتسبب بإغلاق العديد من المصانع التي تعتمد أصلا على السوق العراقي، وبالتالي فإن فرضية نمو الصادرات بنسبة 5 بالمائة سيكون أمرا بالغ الصعوبة، وهو يتطلب من الحكومة الإسراع في التنسيق مع القطاع الخاص حول التباحث في ايجاد منافذ تصديرية بديلة للصادرات الوطنية.
مسألة أخرى في غاية الأهمية؛ وهي تقديرات نمو الايرادات الضريبية بحوالي 6 بالمائة في سنة 2016، وهو أمر قد يكون صعب المنال في ضوء التراجع النسبي في أرباح الشركات من جهة، وتراجع الاعمال التجارية على الصعيد المحلي من جهة أخرى، فالذي يتلمس أوضاع القطاع التجاري في الأوقات الراهنة يتأكد من أن هناك حالة تباطؤ في الحركة التجارية وعزوف واضح في سلوك المستهلك المحلي؛ سواء أكان أردنيا أم أجنبيا، وهذا الأمر سينعكس على الايرادات الضريبية في كل من ضريبتي المبيعات والدخل، اللتين تشكلان أكثر من 80 بالمائة من اجمالي الايرادات، وهو ما يقود إلى التباحث في كيفية تنشيط الاسواق وازالة اي عقبات تحول دون تنمية المبادلات التجارية والاعمال المختلفة للقطاع الخاص.
الأمر ليس مقتصرا على هاتين القضيتين، فالنمو الاقتصادي المقدر لسنة 2016 والبالغ 3.7 بالمائة هو أمر يحتاج الى تمحيص وتوقف في ظل تزايد اعمال العنف في المنطقة والتأثيرات السلبية لذلك على مختلف القطاعات، خصوصا فيما يتعلق بتباطؤ الصادرات والتدفقات الاستثمارية والسياحية، وهو ما يستدعي من الجهات الرسمية التدقيق في العوامل المؤدية الى تحقيق فرضية النمو المقدرة والتأكد من سلامة ركائزها.
لكن التحدي الأكبر الذي سيواجه الاقتصاد الوطني عامة والخزينة خاصة يتمثل بالأوضاع الاقتصادية في دول الخليج العربي ومدى انعكاساتها على الاقتصاد الوطني.
فتزايد الأعباء المالية على دول الخليج بسبب حرب اليمن وتراجع اسعار النفط وتطورات الاحداث في سوريا، كلها امور ترتب على الدول الخليجية كلفا مالية كبيرة تدفعها الى المزيد من سياسات التقشف والاعتماد على مصادر مالية اخرى بدلا من النفط ولو بشكل تدريجي، ومن هنا قد تلجأ الدول الى التفكير بتقليل حجم المساعدات الخليجية الى المملكة او تقنينها، وهو ماسيضع الوضع المالي للخزينة في غاية الصعوبة، خاصة مع تزايد اعتمادها السنوات الاخيرة على الاموال الخليجية في تنفيذ بند النفقات الرأسمالية في الموازنة.
الأمر كذلك قد يدفع دول الخليج الى تقليص انفاقها العام مما يعني توقف العديد من المشاريع الكبرى، وعودة الكثير من المغتربين الاردنيين في الخارج، وبالتالي تراجع معدلات الحوالات الخارجية.
هذه بعض التحديات المباشرة التي ستكون وجها لوجه أمام راسم السياسة الاقتصادية، ما يستدعي وضع خطة طوارئ لمواجهة أي من هذه الاحتمالات السلبية إن حدثت “لا سمح الله”.
salamah.darawi@gmail.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى