الحكومة عدلت عن دمج “الخط الحجازي” مع وزارة النقل وقررت نقله … ما الفرق ؟

سواليف
قال رئيس ديوان التشريع والرأي الأسبق نوفان العجارمة إن الحكومة عدلت عن فكرة دمج الخط الحديدي الحجازي بوزارة النقل إلى فكرة أخرى هي نقله إلى وزارة النقل.

واستعرض العجارمة في منشور عبر صفحته على “الفيسبوك” الرأي القانوني بنقل الخط إلى الوزارة، وذلك بعد أن كان قد سجل اعتراضاً قانونياً على إعلان الحكومة نتيتها دمج الخط الحجازي بوزارة النقل.

وأوضح العجارمة، الفرق بين الدمج والنقل، مؤكداً أن الخط الحجازي وقف اسلامي عام ذو شخصية حقوقية وذمة مالية مستقلة ولا يجوز دمجه في غيره، ولابد من الإبقاء على الشخصية الاعتبارية للوقف .

وتالياً نص التوضيح الذي كتبه العجارمة:

“في المنشور السابق تم طرح بعض التساؤلات القانونية على اثر اعلان الحكومة (دمج) خط الحديد الحجازي بوزارة النقل، وهذه الملاحظات بقيت في اطارها القانوني المجر ولم اتحدث فيها عن مخالفة هذا الاجراء للدستور بل في اطار تعارض النصوص القانونية ذات المرتبة الواحدة .

وبعد الاطلاع على التوضيح الصادر عن الحكومة على لسان معالي الناطق الرسمي باسم الحكومة وزير الدولة لشؤون الاعلام وكذلك عطوفة رئيس ديوان التشريع والراي، والذي اثبت – التوضيح – الى حد كبير صحة ما ذهبت اليه في المنشور السابق، لذلك عدلت الحكومة عن فكرة الدمج واتجهت الى فكرة نقل ادارة الخط الى وزارة النقل وليس دمج الخط بحد ذاته .

وبهذا الخصوص ارجو ان ابدي ما يلي :

1) الدمج له مفهوم قانوني ويعني انهاء الشخصية الاعتبارية للمؤسسة المندمجة (وهي الخط) وإدخالها في شخصية المؤسسة الدامجة (وهي وزارة النقل)، وقد طبق مفهوم الدمج تشريعا في عدة سوابق في قانون اعادة قانون إعادة هيكلة وزارات ومؤسسات ودوائر حكومية لسنة 2013 وتعديلاته، وكل عمليات الدمج أسفرت عنها إنهاء الشخصية الاعتبارية للمؤسسة المندمجة، لذلك اشرت في المنشور السابق بأن الخط الحديدي الحجازي وقف اسلامي عام ذو شخصية حقوقية وذمة مالية مستقلة ولا يجوز دمجه في غيره، ولابد من الإبقاء على الشخصية الاعتبارية للوقف .

2) تترخص الحكومة في اختيار افضل السبل والوسائل لإدارة هذا الخط، ولا يوجد عليها قيد في هذا الشأن، سواء اختارت أسلوب المؤسسة العامة في الادارة، او اختارت الأسلوب الاإداري المباشر عن طريق وزارة النقل او غيرها، فالإدارة شيء والشخصية الاعتبارية للوقف امر آخر مختلف .

3) للوقف ذمة مالية مستقلة يستمدها من القانون مباشرة، والأمر لا يحتاج الى تعديل قانون النقل للقول بضرورة انشاء حساب خاص، فالذمة المالية المستقلة الناتجة عن تمتع الخط بالشخصية الاعتبارية كافية لذلك، سواء تعلق الامر بالجانب السلبي للذمة المالية (الالتزامات) او الجانب الايجابي (الحقوق).

4) هناك إتفاق دولي ملزم للدولة الأردنية بشأن الخط الحجازي هو (اتفاق إعادة تسيير الخط الحجازي بين السعودية والأردن وسوريا) فقد تم إبرام اتفاق موحد سمي بالاتفاق الموحد لإعادة تسيير الخط الحديدي الحجازي وإدارته واستثماره وقد تمت المصادقة عليه بقانون وهو قانون تنفيذ الاتفاق الموحد لإعادة تسيير الخط الحديدي الحجازي وادارته واستثماره رقم 65 لسنة 1966 وقد نصت المادة (2) من هذا القانون على: “يعتبر الاتفاق الموحد لإعادة تسيير الخط الحديدي الحجازي وادارته واستثماره الملحق بهذا القانون والمعقود ما بين حكومة كل من المملكة الاردنية الهاشمية والمملكة العربية السعودية والجمهورية العربية السورية في دمشق في اليوم السابع والعشرين من شهر ايار سنة 1966 الموافق للسابع عشر من شهر صفر / 1386 هجرية صحيحا ونافذا بالنسبة لجميع الغايات المتوخاة منه .”

5) وبالرجوع الى احكام هذا الاتفاق نجده ينص في المادة (2) منه على: “الخط الحديدي الحجازي بسائر فروعه وتمديداته وحقوقه وأملاكه وامتيازاته وقف اسلامي عام ذو شخصية حقوقية وذمة مالية مستقلة وهو يشكل بهذه الصفة وحدة كاملة غير قابلة للتجزئة”. كما نصت باقي المواد على كيفية إدارة هذا الخط والمحافظة على أمواله والتزام كل دولة بهذا الشأن، وهناك هيئة عليا للخط لها اختصاصات إدارية وتنظيمه بشان إدارة الخط وتسييره .

6) إن الاتفاقية الدولية المذكورة أعلاه تسمو في تطبيقها على التشريعات الأردنية في حال تعارضها معها، فهي الأولى بالتطبيق، وهذا ما استقر عليه الاجتهاد القضائي الاردني حيث تقول محكمة التمييز الاردنية في الدعوى رقم 2353/2007 (هيئة عامة) تاريخ 8/4/2008 – منشورات مركز عدالة على: أن الفقه والقضاء أجمعا على أن الاتفاقيات الدولية التي تبرمها الدول هي أسمى مرتبة من القوانين المحلية لهذه الدول وأن هذه الاتفاقيات أولى بالتطبيق ولو تعارضت نصوصها مع القانون الداخلي لديها، كما أن تطبيق الاتفاقيات الدولية والقوانين من اختصاص القضاء دون أن يترك لأطراف الخصومة اختيار الاتفاقية أو القانون الذي يرغبون فيه لأن ذلك من متعلقات النظام العام ويشترط في ذلك أن تكون الاتفاقيات والمعاهدات الدولية قد مرت بمراحلها الدستورية في البلد.

7) تنص المادة (3) من قانون الخط الحجازي الأردني وتعديلاته رقم 23 لسنة 1952 على: ((يعتبر الخط الحجازي الأردني وقفاً إسلامياً ومؤسسة عامة ذات شخصية حقوقية واستقلال مالي مرجعها الأعلى رئيس مجلس الوزراء وتعفى جميع معاملاته من كافة الرسوم والطوابع)) أي أن المشرع استخدم صفتين للخط (وقف اسلامي) و (مؤسسة عامة) ولا اشك أن هذا التعبير مقصود لذاته وهو حتى يستفيد الوقف من كافة مزايا و اسلوب ادارة المؤسسات العامة، والذي يتميز بأسلوب اللامركزية المرفقية، وبالتالي فإن المشرع أعطى ميزة اضافية لهذا الخط، لا تتوافر لأي مؤسسة او وزارة في الدولة الاردنية فهو (وقف) ولكن هذا الوقت له ادارة مختلفة حيث اوجب أن يدار بأسلوب المؤسسة العامة والذي فيه استقلال كلي عن القرار الحكومي المباشر .

8) مما يؤكد ما ذهبنا اليه أن المشرع نحا وزارة الأوقاف جانبا عن إدارة هذا الخط على الرغم من كون هذه الوزارة متولياً عاماً للوقف وفقا الاحكام المادة (1247) من القانون المدني الاردني والتي تنص على: “مع مراعاة شروط الواقف تتولى وزارة الاوقاف والشؤون والمقدسات الاسلامية الاشراف على الوقف الخيري وتتولى ادارته واستغلاله وانفاق غلته على الجهات التي حددها الواقف، فاذا ولابد نرجع الامر الى أهله وهي وزارة الاوقاف ؟؟

من نافلة القول، بأن هذا الخط تم بناؤه بناء على نداء وجه من السلطان عبد الحميد لكافة الاقطار الاسلامية في عام 1910 ، وقد تم جمع التبرعات من كافة البلاد التابعة للدولة العثمانية، لذلك اعتبر هذا الخط (وقف اسلامي) وليس مجرد وقفا خيريا عاديا”.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى