من دفاتر معلمة ( أنا لا اكذب…لكن اتجمل !!! ) / خلود المومني

من دفاتر معلمة

( أنا لا اكذب…لكن اتجمل !!! ).

بقلم : خلود المومني

عندما يكون الطفل مشاغبا…كثير الحركة والتبرم مع مستوى ذكاء متوسط أو قليل….عادي جدآ……المصيبة العظمى عندما يكون هذا المشاغب حاد الذكاء….ويضيع عليه الكثير من المعرفة بسبب حركته الدائمة ورفضه التعلم.
كان ذكيا جدا….حتى أنني أجزم أنه بلا دراسة وعلى انتباهه فقط سيحصل العلامة الكاملة….إذا انتبه….لكنه يريد الخروج دائماً…يضيق بالصف ومن فيه…يرفض إخراج كتابه أو دفتره من الحقيبة….لسانه طويل جدا على زملائه وعلي أيضا.
ولمصلحته استدعيت الأب……الأب يبدو صارما… قاسياً…لا هوادة معه…بدأ الشرر يتطاير من عينيه وانا أشكو تصرفات ابنه واهماله وأدركت متأخرة قسوته عندما رأيت آثار كف يده على وجه إبنه في اليوم التالي……أحسست بالذنب…وندمت أني تسببت للطفل بهذا الألم.
وازداد الطفل شراسة وتمردا إلى حد لايحتمل…وكأنه يريدني ان أدفع ثمن ابلاغي أباه عنه.
بعد أيام جاء الأب فجأه…ودخل غرفة الصف….رأيت الرعب في عيني الطفل…بدأ يرتجف…. وعندما سألني الأب كيف أصبح إبنه؟؟ أمام زملائه. .. نظرت إليه…وشعرت أنه لن يتوانى في ضربه أمامهم لو تفوهت بكلمة واحدة… وأي كسر ساكسر قلبه به ربما إلى الأبد…سيكرهني…ويكره أباه …لن يحبه أبدا…ولن ينسى تلك المعلمة التي تسببت له بهذا الجرح والإهانة امام اصدقائه……قلت لابية : إنه مميز…مثابر…خلوق….يشارك…يلتزم بمقعده وحصته…..أشياء جميلة أخرى…..ولاشيء مما ذكر صحيح…وأنا اتكلم والطفل ينظر الي نظرات لن أنساها ما حييت…وكأنني مع كل صفه أطلقها عليه أنتشله من الغرق…وربما الموت.. أكثر…. فأكثر…نظرات حياة.. وامتنان.
أقفل الأب خلفه باب الصف سعيداً…وجاءت مني نظرة للولد…لأشعر أني انظر إلى رجل نبيل… لم يتفوه بكلمة… وكسبته…بقية العام… والحياة.
وإلى الآن في صفوفه العليا…بقي من الأوائل المتميزين…خلقا…واجتهادا.
ما أحوجنا إلى الكذب أحيانا….نزين به بشاعة الواقع .!!!!!

مقالات ذات صلة

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى