عقلية شليويح / رامي علاونة

عقلية شليويح
أثناء عملة مدربا للمعلمين في إحدى الدول الصديقة، كان حضور بعض الحصص مع المعلمين لإعطائهم النصح والإرشاد جزءا من مهامه اليومية.
ذات يوم وأثناء حضوره حصة لمعلم الصف السادس “ج” شاهد صاحبنا بأم عينة معاناة المعلم مع “شليويح”- ذلك الطالب الذي “قزز” كل معلميه الى حد أصابتهم بمتلازمة “شليويح” (وهي حالة متقدمة من الاكتئاب).
شليويح هو ذلك الطالب الذي “لا يعرف الخمسة من الطمسة” نتيجة لعدم اكتراثه بالدراسة و سلوكه السئ داخل الصف… فلا كتاب ولا قلم. وحينا “يزقر” هذا، و حينا آخر “يلطش” ذاك…علاوة على عدم إعطاء الفرصة للمعلم لشرح مادته التعليمية لكثرة مداخالاته وتعليقاته “البايخة” في الحصة.
في الحصة التالية التي حضرها صاحبنا مع نفس المعلم في نفس الصف، قرر ان يحاول مع شليويح ويستخدم معه لغة الحوار التحفيزي…علَّه ينجح ولو بمقدار بسيط في تغيير سلوك وعقلية شليويح.
استأذن المعلم بأخذ شليويح خارج الصف، فانفرجت أسارير المعلم الذي ودَّ لو يغادر شليويح دون رجعة. خرج صاحبنا برفقة شليويح الى ساحة المدرسة ودار بينهما الحوار التالي:
صاحبنا: كيف حالك يا شليويح؟
شليويح: الحمد لله استاذ
صاحبنا: مبسوط بحياتك يا شليويح؟
شليويح: إيه مبسوط يا استاذ.
صاحبنا: وين بتشوف حالك بالمستقبل يا شليويح؟
شليويح (فاغرا فاه): هاااه!
صاحبنا: شو بتشوف حالك بعد خمس ست سنين؟
شليويح: هااه!
صاحبنا: طيب بلاش. عندك إخوان يا شليويح؟
شليويح: إيه يا استاذ، عندي واحد.
صاحبنا؟ قديش عمر أخوك؟
شليويح: بالصف العاشر.
صاحبنا: طيب حاب توصل للصف العاشر زي أخوك؟
شليويح: ايه استاذ.
صاحبنا: ليش بدك توصل الصف العاشر؟
شليويح: عشان اسوق اللاند كروزر يا استاذ.
صاحبنا: طيب، من وين بدك تجيب اللاند كروزر يا شليويح؟
شليويح: سيارة أخوي اللي بالعاشر يا استاذ.
صاحبنا: طيب لما يصير عمرك عشرين سنة شو بدك تعمل؟
شليويح: اشتري لاند كروزر يا استاذ.
صاحبنا: طيب من وين بدك تجيب المصاري تشتري لاند كروزر؟
شليويح: من ابوي يا استاذ.
صاحبنا: طيب بلكي ما كان معه مصاري يعطيك! شو بدك تعمل؟
شليويح: بوخذ اللاند كروزر تبعته يا استاذ!
صاحبنا (بعد ان يأس من الحصول على إجابة ينطلق منها لمحاورة شليويح وتحفيزه للدراسة): طيب يا شليويح، إن شاء الله انك بتسوق اللاند كروزر وبتشتريها… بس دير بالك، لا تشد عليها! ترى قلبتها والقبر!

عقلية شليويح لا تختلف كثيرا عن عقلية رئيس حكومة دولة نشمينيا الصديقة. فعلى الرغم من فارق العمر والتحصيل العلمي، الأ ان هناك فكرة واحدة لا ثانية لها في راس كل منهما: “اللاند كروزر” في حالة شليويح، و “جيبة المواطن” في حالة رئيس حكومة نشمينيا.
شو عملت دولتك؟
جيبة المواطن.
شو بدك تعمل دولتك؟
جيبة المواطن.
شو بالنسبة لبكرة؟
جيبة المواطن.
المديونية؟
جيبة المواطن.
صندوق النصب الدولي؟
جيبة المواطن.
لا نملك سوى ان نقول لدولة شليويح الكبير، كما قال صاحبنا لشليويح الصغير… مد إيد الحكومة على هالجيبة قد ما تقدر…لكن دير بالك “تقلبها”…ترى “قلبتها” والقبر!

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى