الحلقة الثانية من…طراطيش الفساد

رأينا في الحلقة السابقة كيف تحول الكاشير في السوبرماركت إلى موظف كبير بشركة يملكها زوج مديرة مكتب شخصية نسائية بارزة، وكيف قفز راتبه من 250 دينار إلى 1300 دينار خلال سنة واحدة.

بعد اجتيازه لجميع مقابلات التوظيف – التي كانت في الحقيقة عبارة عن مقابلة واحدة فقط لم تزد عن كونها دردشة قصيرة في كافيه فاخر بعمان الغربية، و حتى بدون خوض أي امتحانات تنافسية كما هو الحال في الشركات المحترمة، بدأ صاحبنا الشاب دوامه الرسمي لكنه لاحظ أن هذا العمل لا يمت بتخصصه بصلة ولا يوجد شيء حقيقي يسهم في تطوير قدراته وخبراته، ولكنه آثر الصمت فلا يوجد خيار آخر. فمعدل الرواتب في السوق لمن هم بعمره وشهادته يقل بألف دينار عما يأخذه هنا. خاصة عندما تذكر أنه لا يملك أي مهارة استثنائية وغير حاصل على أي دورة أو شهادة متخصصة.

كما لاحظ أن العمل هنا له مزايا ممتازة ومنها يوجد إنترنت سريع جدا، شاي وقهوة مجانا طوال اليوم، وموقع استراتيجي ممتع في شارع الوكالات، بالإضافة إلى زميلات جميلات جدا !! الغريب أنه لا توجد بينهن أي واحدة محجبة ولو حتى بالصدفة، وكأن الشركة تقع في فرنسا أو سويسرا وليس في الأردن. مما كان يدل على عقلية محددة عند اختيار الموظفين والموظفات. هناك أمر آخر مثير للإنتباه، حيث أنك لن تجد أي موظف من “المحافظات” رغم أن الشركة نفسها تدعي أنها مهتمة بتقديم إستشارات لتطوير المناطق الفقيرة!!

تلقى صاحبنا التعليمات منذ البداية، عملك سوف ينحصر في تحضير مجموعة تقارير مطلوب منك صياغتها وتنسيقها، وبعض المعلومات سوف تجمعها من الإنترنت وكله تحت عنوان “استشارات إدارية”، وهذا العمل بإمكان أي سكرتيرة خريجة دبلوم أن تقوم به.

في البداية خطر على باله تساؤل بريء يتعلق بقضية المنافسة في السوق، فمن المعروف أنه عند تقديم عروض الأسعار لأي مشروع استشارات إدارية لأي جهة حكومية أو خاصة فإن أول ما يُنظر له ويؤخذ بعين الإعتبار هو شهادات وخبرة الإستشاريين القائمين على المشروع، ولكن هو شهادته بكالوريوس وبمعدل مقبول وبدون خبرة، كيف سيحصلوا على المشاريع إذا ؟؟

إذا عُرف السبب بطل العجب، عَرف صاحبنا “سر الطبخة” وأن الحصول على المشاريع الإستشارية سببه تلفون من “فوق”، وأنهم يحصلوا على المشروع الإستشاري بطريقة التلزيم ولا علاقة للمنافسة بالموضوع، وهذا ما يفسر إحتكارهم للسوق ودخول شركات كبرى ودولية تحت مظلة عملائهم في غضون أشهر قليلة من تأسيس الشركة.

اطلع صاحبنا على أسرار أخرى وأصبح مستودع الأسرار، وبعد سنة واحدة – نعم سنة واحدة فقط – توجه صاحبنا إلى مدير عام الشركة وهدده قائلا: راتب الألف والثلاثمائة دينار لم يعد يكفيني أريد زيادة فورا وإلا…….

ابتسم مدير عام الشركة الأجنبي الجنسية، فالمال آخر ما يفكر به والميزانية مفتوحة على مصراعيها فقرر فورا منحه زيادة شهرية على الراتب مقدارها ألف وخمسمائة دينار ليصبح راتبه ألفين وثمانمائة دينار شهريا، وقام بترقيته وإعطاؤه منصب “مستشار إداري”.

لم ينتبه قسم الحسابات أن الشركة التي رأس مالها خمسين ألف دينار أردني فقط، تنفق ما يعادل تقريبا 70% من رأس مالها على الراتب السنوي لأحد موظفيها، أو ربما أنه انتبه ولكن هناك أمور أعظم من ذلك يجب إعطاؤها الأولوية.

مبروك … الشاب الذي تخرج قبل ثلاث سنوات قضى نصفها عاطل عن العمل ونصفها الآخر كاشير في سوبرماركت، أصبح الآن فارس من فرسان التغيير وتوقيعه يظهر على صفحات التقارير “الإستشارية” التي يتم رفعها إلى الشخصية البارزة صاحبة المكتب، وراتبه يعادل راتب رئيس وزراء.

سوف نرى في الحلقة القادمة كيف انتبهت “جهات خارجية” إلى مواهب وعبقرية هذا المستشار الإداري!!

وطن نيوز

ابو يحيى….قاعدين بنقرأ وصرنا بالحلقة الثانية..معقول في نهاية لهالمسلسل…وللا كمان في أجزاء…؟

ف . ع

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى