فاتورة الكهرباء بين الاستغلال والاستقلال

فاتورة الكهرباء بين الاستغلال والاستقلال

أ.د. محمد حسن الزعبي

يشعر المواطنون في العالم بشكل عام وفي بلدنا بشكل خاص بالامتعاض عند دفع فواتير الكهرباء ويعبرون بطريقة أو بأخرى عن سخطهم وعدم اقتناعهم بقيمة ما يدفعونه من فواتير وأن شركات الكهرباء تقوم باستغلالهم دائما” وتتآمر عليهم. هذا الشعور يزداد كلما اقتربنا من أشهر الشتاء ويصل مرثون السخط قمته في شهر كانون الثاني من كل عام.
الجديد في الموضوع كثرة السؤال عن إمكانية الإنفصال عن شركة الكهرباء والاستغناء عنها بشكل نهائي لا سيما بعد التطور الكبير في الأنظمة المعزولة عن الشبكة وتكنولوجيا تخزين الطاقة. صحيح أن تكنولوجيا التخزين لازالت في مراحل النمو ولم تصل إلى المستوى المطلوب ولكنها تشكل تهديدا لمستقبل شبكات وشركات الكهرباء. النمط الزمني لاستجرار واستخدام الأحمال الكهربائية هو المعيار للاستخدام الأمثل للأنظمة المعزولة. ولهذا فإن الأحمال النهارية تعتبر محركا” قويا لنجاح هذه الأنظمة وتجنب المشترك تكلفة التخزين بينما الأحمال الليلية تشكل عائقا لهذه الأنظمة. الدراسة المعمقة لنمط استخدام الأحمال تبين للمشترك الكيفية التي يستطيع من خلالها ترشيد فاتورته وتقليل تبعيته لشركة الكهرباء.
الإستقلالية في امتلاك نظام كهربائي ذاتي يجنب المشترك العلاقة مع شركة الكهرباء وفواتيرها حلم قديم راود الأنسان منذ عشرات السنوات. بالرغم من محدودية النجاح في هذه المسيرة إلا أن فرص التقدم به تزداد يوما بعد يوم.
من الدوافع الاضافية نحو الاستقلالية في التزود بالكهرباء التخلص من مشاكل انقطاع الكهرباء تماما” كمن يملك بئر للماء في بيته لا يأبه بموعد ضخ المياه أو تقليص ساعات الضخ. من جانب آخر جميع الأحمال التي تتأثر بانقطاع الكهرباء يفضل أن تتغذى بشكل مباشر من هذه الأنظمة المنفصله حفاظا” عليها من التلف وتجنبا” لانقطاع الخدمة التي تؤديها.
إن قصص النجاح في هذا المجال عديدة. فوجود إنارة للشوارع مستقلة عن شبكة الكهرباء ووجود محطات شحن للسيارات ذاتية التغذية من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح ومحطات ضخ للمياه تتغذى من الشمس مباشرة وغيرها من اشكال الاستقلال عن الشبكة قد أغرت الكثيرين حول العالم للسير في اجراءات الطلاق مع شركات الكهرباء لا سيما تلك التي لا تتعامل مع المشترك كزبون يجب المحافظة عليه بل كتابع مضطر لهذه الشراكة.
معاملة الطلاق قد تطول ولكن عدد الحالات سيزداد يوما” بعد يوم ولا ندري إن كان سيأتي يوم تبحث فيه شركات الكهرباء عن زبائن لها فلا تجد. إن هذا يستدعي بلا شك نظرة ثاقبة إلى المستقبل وإعادة النظر بسياسة الشراكة بين المستهلكين والمنتجين للكهرباء والانتقال من الاستغلال إلى الاستقلال .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى