ذهب روسي / د.رياض ياسين

ذهب روسي

تناقلت وسائل إعلام مؤخرا أنه وخلال مراسم تلبيس الذهب لعروسين في عمّان، اكتشفت إحدى قريبات العروس وبحكم خبرتها النابعة من عملها في مجال بيع الإكسسوارت أن الذهب الذي أحضره العريس لتلبيس عروسته ما هو إلا إكسسوار “ذهب روسي” وعلى الفور قامت بإبلاغ والدة العروس بالأمر وقالت لها:” انتي بتعرفي إنو الذهب روسي.. “.
وانفض الحفل الحزين وذهب كل منهما خاسرا وخرب بيت العريس وانكشف أمره ولا ندري إن كان متفقا مع عروسه ام انه كان يخدعها ايضا، وهنا نعود للتساؤل عن الذهب الروسي “الرخيص” قياسا بالذهب الايطالي والهندي والفرعوني ، وهل مازلنا نحن العرب غير مقتنعين بالروسي ك ذهب فهل سنقتنع بالروسي ك سلوك سياسي وحضاري في سوريا؟

يعتبر الروسي ان عروسه السورية لديها سجل سيء في دفع ديونها الناتجة عن شراء السلاح. وقد سبق وسامحت موسكو ديون دمشق سنة 2005 بإعفاءها من دفع ثلثي المبلغ المتوجب، اي ما قيمته 13 بليون دولار أميركي. ونظراً للتدهور الاقتصادي في سوريا، لن يكون بمقدور دمشق تسديد ثمن صفقات الاسلحة المبرمة مع موسكو والمتوجبة في السنوات الخمس المقبلة. ويبلغ هذا الثمن ما قيمته 36 بليون دولار أميركي .

لذلك، وبكل عين متفتحة جاءت روسيا لتعلن انها الأولى بإقامة حفل على طريقتها لتتوج زواجها المشكوك فيه في سوريا ،وربما ستقطع الطريق على كل المستغنمين من الاوروبيين أو الأمريكان من مصافحة العروس السورية او حتى الظفر بصورة تذكارية معها ،حيث بات من المؤكد ان تلجا موسكو في مرحلة ما بعد الاسد الى التعويض عن الخسارة المرحلية من الكسب الفائت، عبر ربط العروس الدمشقية بمجموعة سلاسل من الذهب الروسي الخالص على شكل اتفاقات تجارية واقتصادية وبشروط تفضيلية. وهنا ستبقى المخاطر قائمة في حال فكرت روسيا بتطمينات لضمان أثمان هذه الصفقات إذا استلمت حكومة وطنية السلطة بعد رحيل الاسد ونظامه، وهذا لن يحدث في ظل عدم وجود جبهة معارضة موحدة ومتماسكة ومؤهلة.

مقالات ذات صلة

العريس الروسي الذي جاء الى بيتنا في سوريا لم يتقيد بالمراسيم والمواقيت والتحضيرات والطقوس التي نمارسها في افراحنا ومناسباتنا،ولم يحترم الحضور ولا المعازيب،فتارة يأتي بالجيوش وتارة يسحبها جزئيا، واعتمد على المأذون الإيراني الذي سمح له بعقد قرانه دونما دفع اي تكاليف او اية اجراءات او شهادات الا من الأبرياء الذين اكتووا بنار الاطماع والانانية والعدوانية،فهل ولدت سوريا لتكون اجمل عروس يتم اغتصابها في وضح النهار وعلى مراى ومسمع المعازيم .

الروسي لم يدفع مهرا لسوريا وبدلا ان يدفع لعروسه المهر المتقدم وياتي لها بالذهب حتى لو كان روسي “درجة تالتة” يعني تقليد”فالصو” راح عقد القران غصب عن الطبيعة السياسية والجغرافية والسكانية للبلاد السورية الشمالية، انها ضوضاء السياسة الدولية سمعناها هناك وطرشتنا ، ألا يكفي ان العرب اصلا اصابتهم قسرا حالة البكم من أنظمتهم بالاساس ليأتي الروسي ويحدث صمما للأذان تماما بضوضاء صواريخه القادمة من بحر قزوين وطيرانه القادم من سماء سوخوي.

سيكون العقد الروسي لعنق سوريا خانقا إذا سكت المعازيم الدوليون وسمحوا باستمرار هذا الهذيان الذي حوّل الجسد السوري برمته الى جثة هامدة تتلقى الضربات والطعنات على قاعدة المثل المعروف”الأسد لما يوقع تكتر عليه السكاكين”،هل نحن على موعد مع حرب وبرك دماء دافقة لانجد لها تصريفا من شدة جريانها في ارضنا ، اما آن الآوان أن ينفض الميتم السوري ويتنهي حمام الدم المجاني هناك؟ والسؤال المطروح هل يرغب الروسي بإطالة امد هذيانه في بحر الدم في سوريا ظنا منه أن يستطيع السباحة في البحر المتوسط دونما توقف؟ أم انه تورط بحرب شبيهة بالاستنزاف مع التنظيمات الإرهابية المسلحة التي ليس لها هوية حقيقية،والملاحظ بهذه الحالة أن المشكلة تكمن في غياب نقاط المراقبة في البحر السوري وحضور القراصنة الذين يضربون ويهربون ويزيدوا من إصرار المركب الروسي على الضرب بشدة أكثر والضحية دائما تلك السمكة السورية التي لم تعد تجد لها ملاذا وسط هذا البحر المتلاطم من امواج القذف والصواريخ من كل حدب وصوب.

السوريون قبلوا شبكة الذهب الروسي وقبلوا الزواج القسري مع يقينهم بحضور الشياطين من التنظيمات المسلحة التي ناهزت عن مائة تنظيم تلك الحفلة، لك الله ياسوريا شعبا وهوية بعد أن أغلق سوق الذهب الغالي في السياسة الدولية أمامك.
rhyasen@hotmail.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى