الترز/ سهير جرادات

تقتصر مهمة الترزي (الخياط)، أن يُفصل الملابس من الألف إلى الياء ، وما على الزبون،إلا أن يُحضر قطعة القماش ويختار الموديل .. فيما الترزي يأخذ قياسات الزبون ، وبغض النظر إن كانت الأمتار الخاصة بالقماش تكفي أو لا تكفي لتفصيل الموديل المطلوب ، فهو يجعلها تكفي ( خاوة) حتى لو اضطر إلى عمل وصلات ودرزات ولو كانت ظاهرة للعيان .

مهمة الترزي لا تقتصر على التفصيل ، بل على إعادة ترميم نفس قطعة القماش لأكثر من مرة ، وضمن مهامه أيضا أن ( يُقَيف ) ما تم تفصيله ، فيمكن أن يزيد حجمها مرة أو يصغرها مرات عدة ، لتصبح أكثر ملائمة ، وحسب ما يُطلب منه، حتى لو اضطر إلى العودة مرة أخرى إلى المخيطة ، وفتحها بعد دعوة جميع الخياطين المساعدين الذين يعملون تحت يده ،أمثال من يعملون في “الحبكة “، أوعلى آلة الدرزة ، وحتى من يكنس المخيطة، فعليهم جميعا العودة مرة أخرى ، وخارج أوقات دوام المخيطة لإجراء اللازم حسب طلب الزبون وبالطريقة التي يجدها مناسبة ، وبشرط أن لا ينبس الخياط أو أحد العاملين في المخيطة ببنت شفة ، وكل ما عليهم فقط هز رؤوسهم بالموافقة.

في الأصل ، هذا الترزي تم التعاقد معه ، على أساس أن يخيط ما يطلب منه، دون أن يعترض أو حتى يفتح فمه بكلمة ، ومنذ البداية تم اختياره للعمل كترزي من قبل الزبون على أساس أنه ينفذ ما يطلب منه دون أن يبدي أي اعتراض ، أو أن يقدم النصيحة التي اكتسبها كونه من أصحاب المهن المهرة في( التفصيل والتقييف).

والمفاجئ في الأمر أن هذا الترزي فاق كل التوقعات ، وأصبحت مجارته على حساب المخيطة، التي يخدم بها ،فهي تعد مصدر رزقه وكرامته وعزته ، فكل ما يسعى له أن يبقى على رأس هرم المخيطة ،يأكل منها،ويكتسب الخيرات المادية والوظيفية له ،عدا عما يوزعه منها لأبنائه وأبناء عمومته ، وأبناء منطقته الذين أصبحوا يعتاشون من المخيطة ، فتجد منهم اللظيم ( الذي يلظم الأبره) ، والحبيك (الذي يحبك الخيط) ، واللقيط (الذي يلقط دواير القطعة المفصلة)، وحتى من يقدم الشاي والقهوة، والذي يكنس المخيطة ، والذي يوصل الطلبيات إلى الزبائن في محالهم وبيوتهم .

مقالات ذات صلة

الترزي لا يمتلك فقط الإبر والخيطان وآلات الحبكة والدرزة وطاولة الكوي والمكوى ، إنما يمتلك السيطرة أيضا على العاملين في المخيطة، كونه هو من جلبهم وعينهم ، واشترط عليهم أن ينفذوا أوامره دون إبداء الرأي ، تماما كما تم الاتفاق معه عندما تم تعيينه كبيرا للخياطين أو الترزي الأول في المخيطة .

رغم أن ما يقوم به هذا الترزي من أخطاء في تفصيل الملابس، التي تعهد إليه بشكل واضح للعيان ، من درزة عوجه ، أو نصفها فارط ، وقد تصل الأخطاء في التفصيل إلى أن كُم أطول من كُم ، أو الكتف غير راكز ، والأزرار لم يتم تركيبها على نفس الصف ، ولون الخيط لا يتناسب مع لون القماش ، إلا أنه من الواضح أن ما يقوم به من أعمال ترضي الزبون ، وإن كره الآخرون.. وهكذا تكون تفصيلة حب الوطن ..درزة درزة.

Jaradat63@yahoo.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى