«الجباية» تضرب مجدداً في الواقع الاقتصادي والسياسي الأردني لــ بسام بدارين

لا تبالغ أو تبتعد كثيراً عن الواقع عضو البرلمان الأردني الدكتورة رولا الحروب وهي تحذر الحكومة علناً من ان سياستها في الجباية انتهت بإغلاق 2500 منشأة تجارية أو صناعية فقط في العام 2015.
لا توجد إحصاءات رقمية قطعية عن المنشآت الاقتصادية التي اغلقت أبوابها في الساحة الاردنية في العام الاخير.
لكن يوجد تفاعل اجتماعي وإعلامي واقتصادي محلي يشمل وسائط التواصل الاجتماعي ويقدم يومياً اشارة جديدة في البلاد على انسحاب رأس المال أو إغلاق شركة أو مصنع وسط حالة اخفاق بيروقراطية واضحة الملامح لم يعد من الممكن إنكارها.
الملاحظة الوحيدة التي يسجلها رئيس الديوان الملكي الدكتور فايز الطراونة ضد حكومة الرئيس عبد الله النسور في المجالس الخاصة هي تلك التي تعكس قصورا كبيرا ليس في استقطاب الاستثمار الجديد فقط ولكن ايضا في تثبيت الاستثمار القائم.
النائبة الحروب اتهمت سياسة الجباية التي تفرض المزيد من الضرائب والرسوم على المستثمرين في القطاع الخاص بالمسؤولية المباشرة عن إغلاق المنشآت الصناعية والتجارية.
رئيس الوزراء الدكتور عبد الله النسور كان قد اعلن ان سياسة الجباية ساهمت في الاستقرار العام موحياً ضمنياً بان أولوية تعويض عجز الميزانية والسعي لعدم تفريغ الخزينة تسبق أولوية جذب أو تثبيت الاستثمار.
الجدل حول نظرية الجباية والاستقرار ساهم فيه سياسيون كبار فقد حذر رئيس الوزراء الاسبق طاهر المصري امام «القدس العربي» من انعكاسات اجتماعية وامنية حساسة لضعف المداخيل الاقتصادية.
لاحقا تداول البرلمانيون والساسة تعليقات ونقاشات عن سفينة التخطيط الاقتصادي التي تغرق بسبب الضائقة وفقا لنظرية طرحها المفكر السياسي عدنان ابو عودة العام الماضي. قبل الجميع وفي جانب التخطيط الاقتصادي رفض رئيس وزراء سابق بخلفية اقتصادية هو سمير الرفاعي اعتبار الجباية الاسلوب الامثل في معالجة مشكلات التخطيط الاقتصادي واستفسر في وقت سابق عن مبررات غياب الرؤية الشمولية لعشر سنوات التي طالب بها الملك الحكومة علناً.
وجهة نظر رئيس الحكومة كما سمعتها منه مباشرة «القدس العربي» عدة مرات تتمثل في تحديد الاولويات الوطنية وفقاً لواقع الخزينة والواقع الاقتصادي وعلى اساس بوصلة الحفاظ على الاستقرار العام وأمن المجتمع.
هذه السياسة الحكومية جعلت الحكومة وكبار المسؤولين في مواجهة مقلقة ومضطربة ويومية مع رموز القطاع الخاص خصوصا الذين يشتكون من سياسة فرض المزيد من الرسوم والضرائب وتسعير الكهرباء والطاقة مما يؤثر في كلفة الانتاج. يحصل كل ذلك فيما لا تقدم سياسات المملكة الخارجية وتحالفاتها أي دعم وإسناد يوازي في مجال الوضع الاقتصادي. كما يحصل في ضوء شغف الحكومة ورئيسها باتخاذ اجراءات جباية قد تكون مكلفة سياسيا وامنيا لإرضاء صندوق النقد الدولي والمؤسسات المانحة. وفقا لأبو عودة تكمن الحساسية في تلك المساحة التي يبدو انها تغفل الفارق في الفائض الاجتماعي والامني عندما يتعلق الامر بالحماس الشديد للالتزام بالوصفات الاصلاحية الدولية.
ابو عودة تحدث لـ «القدس العربي» ايضا عن ضرورة عدم الافراط بالإصلاحات القاسية دون حساب الكلف الاجتماعية. مسألة الكلف هي التي تبز على سطح الاحداث في بلد كالأردن الآن دون وجود آمال حقيقية بمعالجة الامر أو قرب معالجته.
ازمة الاستثمار وتثبيت المستثمرين بما في ذلك المحليون شغلت الجميع فأسرع ما يسمع في المجالس الآن هو تلك الأنباء السلبية عن إغلاق مصنع أو طرد موظفين أو إقفال شركة أو انسحاب استثمار أو مغادرة رأس مال في الوقت الذي لازالت فيه الحدود الاردنية مع العراق وسورية مغلقة تماماً منذ نحو عامين بسبب الابعاد الامنية.
ما تقترحه إجراءات حكومة النسور واضح ويتعلق في بقاء القطاع العام والجهاز البيروقراطي قادراً قبل اي شيء اخر على ادامة حالة الاستقرار الامني بما يتطلبه من ضمان الدخل لخزينة الدولة بهدف الاستمرار في دفع الرواتب في القطاع العام وتمكين الدولة من إدامة خدماتها العامة.
هذه السياسة تساهم في طرد المستثمرين وتغضب القطاع الخاص ولا ترضي بكل الاحوال جميع رجال الدولة حيث لا يوجد توافقات قطعية عليها وان شكلت نظرية الجباية البرنامج الوحيد المتاح في السوق اليوم.
يثار مثل هذا الجدل في الوقت الذي اضطربت فيه العلاقة الرسمية تماماً مع قطاعات محددة في الاستثمار وفي الوقت الذي يتصدر فيه مستثمرون أردنيون قطاع العقارات في سوق دبي ويحتلون المرتبة الثانية في سوق الاسهم بنفس الإمارة. الاضطراب عبر عن نفسه بأكثر من شكل فاستثمار في مجال الملابس العالمية بقيمة 65 مليون دينار خرج من السوق والصحف المحلية تتحدث عن انسحاب ما لا يقل عن 700 مليون دينار وهو رقم غير رسمي حتى اللحظة.
في المقابل يصاب البعض بالانفعال فسعي بلدية العاصمة لتعويض بعض ديونها انتج مشكلة مع قطاع الاسكان انتهت باتهام عمدة العاصمة عقل بلتاجي بالردة بدعوى سجلت رسميا بالمحكمة الشرعية.
الحديث السيادي والأمني يتكافل ويتعاظم في الاردن مع فريق اقتصادي وزاري كسول وبدون مبادرات منتجة أو اختراقية على مستوى الحكومة والقطاع الخاص يشتكي ويتذمر وينسحب.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى