ع العصفورية

ع العصفورية / #يوسف_غيشان

خلف طاولة بشراشف بيضاء مهدّبة وميكروفونات متنوعة الأحجام والأشكال، وكاسات ماء مثلجة، جلس الرجل الحكيم وسط مجموعة من الشباب الذين كانوا يشاركون في المسيرات والاعتصامات.
تنحنح الرجل، وبعد السلام والكلام، شرع في محاولة إدارة حوار مع الشباب المتمرد، وبدا يستعرض جميع أدوات التاريخ التي تطالب الناس بعدم التمرد على الحاكم الظالم، مهما كانت درجة ظلمه وفساده وإفساده. فلم يحاوره أحد، وفي ذات الوقت لم يلحظ أية بارقة اقتناع في وجوه الشابات والشباب.
حوّل الرجل الموجة على الأمثال والحكم الشعبية، وشرع يشرح ويفصل في كل المقولات التي تدعو للرضوخ:

  • امشي الحيط الحيط وقول يا رب السترة.
  • الكف ما بناطح مخرز.
  • للجدران أذان وعيون.
  • الإصلاح يأتي عن طريق إصلاحك لنفسك ولأسرتك.
  • اترك الخبر لخبازه ولو أكل نصه، ولا تتدخل بالسياسة.
    لم يلحظ الرجل أدنى انتباه أو اكتراث من الشابات الشباب فيما يقول. استعرض العشرات من أبيات الشعر العربي التي تصب في ذات المجاري، اتبعها بأقوال بعض من يسميهم بالعظماء، ولم يأبه الشباب.
    لجأ أخيرا إلى التشبيه الضمني، وقال للشباب:
  • ديروا بالكوا على حالكوا…. تعرفون بالتأكيد أن السمكة التي تغلق فمها لا تستطيع السنارة اصطيادها.
    هنا رفع أحد الشباب الصغار أصبعه، فاستبشر الرجل خيرا، وقال: -تفضل يا بني…. اسأل ما تشاء.
    قال الشاب:
  • سيدي المحاضر الكريم، قلت بأن السمكة التي تغلق فمها لا يتم اصطيادها. صح.
  • نعم صحيح يا ابني وهذا يعني أن على الشباب ……………
    قاطعه الشاب قائلا:
  • لكن يا سيدي …حتى لو أغلقت السمكة فمها، فهم يستطيعون اصطيادها بواسطة الشبك. أليس كذلك؟
    يقال بأن الرجل المحاضر انتقل من هناك – او بالأحرى نقلوه-الى مستشفى المجانين.

مقالات ذات صلة
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى