عين على رؤساء الجامعات الأردنية الجدد

عين على #رؤساء #الجامعات_الأردنية الجدد
الأستاذ الدكتور أنيس الخصاونة

شهد عدد من الجامعات الأردنية مخاضات عميقة على مدار السنوات القليلة الماضية تتعلق بأداء رؤسائها وقياداتها ، وتم إجراء تقييم لمستوى كفاءة وفعالية إدارات هذه الجامعات وفقا لمؤشرات الأداء التي تضمنتها الإستراتيجية الوطنية للموارد البشرية.وبعد أخذ ورد ومقاومة شرسة من قبل قوى الشد العكسي ، تم إعفاء عدد من الرؤساء وتعيين رؤساء جدد وفق آليات لم تخلو نفسها من النقد ولكنها في النهاية خرجت بتعيين رؤساء جدد.لم يعطى بعض هؤلاء الرؤساء الجدد الوقت الكافي للعمل وتنقيذ خططهم واستراتيجياتهم في إدارة جامعاتهم حيث أنهم وبفعل قوى حتمية نافذة بعضها معروف وبعضها الآخر خفي مستتر تمكنت من خلع الرؤساء الجدد واستبدالهم برؤساء أكثر جدة دون معرفة الأسباب والمسوغات. على أي حال فقد أضحى الرؤساء الأكثر جدة أمرا واقعا ويجب التعامل معهم خصوصا وأن بعضهم معروفين في الأوساط الأكاديمية والحقول المعرفية التي ينتمون إليها.
لقد مضى على تعيين رؤساء الجامعات الجدد ما يناهز الأربعة شهور ،وفي الوقت الذي نعتقد بأن مجرد إعفاء أو إقالة رؤساء سابقين وتعيين بدلائهم قد نزع فتيل الصراعات والتوتر الذي ساد في المراحل السابقة ،فإن العاملين في الجامعات في حالة ترقب وانتظار لما يمكن أن يفعله هؤلاء الرؤساء الجدد.لم تشهد أي من الجامعات ذات الرئاسات الجديدة أي تغييرات ملموسة أو قرارات هامة تشي بتغير في المنهجية واساليب العمل ،حيث لم يقدم أي من الرؤساء الجدد خططا وبرامج تبين كيفية التعامل مع الأزمات المالية والأكاديمية لجامعاتهم .ما زال الرؤساء الجدد يمارسون ما اصطلح على تسميته باللغة الإدارية “تسيير” المؤسسة دون الانخراط بتناول قضايا جوهرية والتعامل مع مشكلات وتحديات جدية تواجه الجامعات.والحقيقة أن المتوقع والمطلوب من هذه القيادات أكثر بكثير من مجرد تسيير الجامعة(Running the University) وعليها التعامل مع اختلالات متعددة في الجوانب المالية والإدارية والأكاديمية تواجهها جامعاتهم.
نعم ربما نتفهم أن الرؤساء الجدد للجامعات يحتاجون لمزيد من الوقت لتفهم المشاكل والإطلاع عن كثب على واقع الأمور ،وربما نتفهم أن القرارات الهامة تحتاج إلى تروي وتأني وخصوصا في ظل التزاحم على المواقع والتضليل الذي يمارسوه صيادوا الفرص والمناصب ،لكننا نعتقد أن ذلك لا يمكن أن يطول لأكثر من بضعة شهور .إن التأني المفرط لا يصبح تأنيا بقدر ما يصبح ترددا وأحيانا تباطؤا في اتخاذ القرار.الجامعات مؤسسات عملاقة أعداد العاملين بها كبيرة جدا وأكثر من نصف كادرها من الأكاديميين الذين يعرفون مكامن الخلل ومواطن الفساد ويعرفون من كان الضحية ومن كان الجلاد في عهد الإدارات السابقة.
من جانب آخر فإن العاملين في بعض الجامعات الأربعة(باستثناء جامعة البلقاء التطبيقية) التي شهدت تغييرا في رئاساتها يدركون تماما أن التدخلات الأمنية في الإختيار والتعيين لشخص رئيس الجامعة كانت حاضرة وبقوة رغم التوجيه الملكي للدوائرالأمنية بعدم التدخل وخصوصا في المؤسسات الأكاديمية. وفي الوقت الذي أصبح مثل هذا التدخل واقعا، فإننا نتوقع بأن لا تلعب الإعتبارات أمنية دورا يذكر في اختيار الفرق الإدارية والأكاديمية عند تعيين المجالس والقيادات الإدارية والأكاديمية لهذه الجامعات غب بداية في الفترة المقبلة. وينبغي أن نشير هنا إلى أن أغلب ،إن لم يكن جميع المواقع القيادية في الجامعات باستثناء رئيس الجامعة، هي ذات طابع أكاديمي فني تماما مثل نظيراتها في المواقع القيادية في المستشفيات والعيادات الطبية والمشاريع والشركات الهندسية مما يستدعي بالضرورة تقليص الاعتبار الأمني عند اختيار قيادات هذه المواقع والتركيز على الجدارة والمهنية والملائمة القيادية للمواقع.بعض العاملين في الجامعات يراهن على علاقاتهم الشخصىة ببعض منسوبي الأجهزة الأمنية على أمل أن يحظى بفرصة أو بمنصب في جامعته ،أو أن ينال من زملاءه من خلال الدسائس والمكائد،ونحن نعتقد أن قواعد اللعبة يجب أن تتغير وأن على صناع القرار وفي مقدمتهم الأجهزة الأمنية أن يدركوا أن من يتم اختياره على أساس الجدارة والكفاءة يخدم وطنه ومؤسسته وجامعته أفضل بكثير ممن يتم اختياره لمجرد ممالئته ونفاقه دون توفر الحد المطلوب من الكفاءة للموقع. العاملين بالجامعات في حالة تفاؤل وترقب ومتابعة دائمة لما ستفعله قيادات الجامعات الأردنية الجديدة في الأيام المقبلة ﴿ وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ ﴾ صدق رب العزة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى