عن اي وطنية نتحدث / علي الشريف

عن اي وطنية نتحدث
علي الشريف
لست متفائلا كثيرا بالمستقبل والغالب ان التشاؤم اصبح يزداد رويدا رويدا حين تتصفح الواقع المزري الذي نعيشه وحين ننظر الى النرجسية المفرطة التي بتنا نعيشها كاردنيين فوق هذه الارض.
صرنا نعتقد باننا اهم شعب على وجه الارض ربما هناك من اوهمنا بان العالم لا بد الا ان ينحني امام ارادتنا زرع في قوبنا وعقولنا حب الذات حتى اصبحت الذات فوق كل القيم واصبح الواقع الذي نعيشه يقول اللهم نفسي.
وطنيتنا اصبحت بحجم اغنية مفرداتها هابطة واغاني الحرق والدمار اصبحت في افراحنا حتى في اتراحنا اصبح الاستعراض اكبر من حجم الحزن وحجم الالم.
لست ادري كيف اتحدث وانا في العقد الخامس من العمر قرات تاريخ بلادي من الفه الى الياء قرات عن كايد المفلح ووصفي التل قرات عن حابس وهزاع قرات عن نضال هذا الشعب وتعبه ودرست عن عشائرة الكريمة لكني لم اقرا يوما انه في وطني كنا نمارس البطولة على بعضنا البعض .
علمونا على الفزعة … وصرنا نرى ان عشائرنا الاصيله اصبحت تهتم بمفهوم العشيرة وحجمها اكثر من مفهومها بالدور الوطني فالعشيرة كانت على امتداد التاريخ صمام امان للسلم الاهلي والرافد الحقيقي للجيش والامن والوطن وكان عنوانها اصلاح ذات البين وواد الخلاف قبل ان يولد.
واليوم اصبحت مثار خلافات بينها على ترشيح فلان وعلنتان ومن احق ومن اقوى ومن اكثر نسينا اننا يوما كشعب من اقصاه الى اقصاه هتفنا لوصفي وهزاع وحابس هل اختلف الزمان ام انتهى ولم يعد يمتد

علمونا اليوم ان الشيخة عبائة وليست حكمة وان الفساد ان كان قريبا منا فليس فساد وان بعد عنا فهو الفساد بعينه حتى ان الفزعة مارسناها خطا قمنا به خطا ففزعة الاوامر غير فزعة القلوب وفزعة الوطن غير فزعة المكاسب.
حين ترشح سمو الامير علي لانتخابات الفيفا اقام الاعلام فزعة تاريخية لم يحسبها بالشكل الصحيح حتى انه من فرط فزعته استعدى الناس علينا واقيمت خيم الدعم ونسينا ان الامير علي كان صاحب رسالة نجح او خسر بل حتى ان البعض اصبح يؤول ترشحه سياسيا ونسي الكل ما كان يهدف اليه .
حين استشهد معاذ الكساسبة لم يبقى دوار ولا شارع ولا ملعب الا واطلقنا عليه اسم معاذ الكساسبة بدل ان نتعلم من تضحيته والمصيبة كانت عند العزاء فيه حين كانت فزعة الصور مع والده دون ادنى مشاعر الحزن فالمهم التقاط الصورة مع والد الشهيد المكلوم كالذين اتبعوه .
ذهب معاذ ومن اتبعه وذهبت معه الصور وذهبت كل بطولات الكرة والملاعب وبقي هو وحده على عرشه ربما يبكي حالنا ويود ليعود ويقول يا بني وطني زنار النار يحوم حول الجميع افلا تستيقظون
لم يختلف الامر مع الشهيد الزيود وغيره وان اختلفت الفزعة بالكرك حين كان الناس يحملون ارواحهم على كفوفهم ويدافعون الى جانب الامن يوم احداث القلعة..
نحن كشعب هل لدينا مفهوم وطني واضح واستراتيجية يمكن ان نبني عليها المستقبل وهل لاعلامنا المتهور المتغابي الفاشل نظرة ثاقبة تتحدث عن مستقبلنا دون ان ياتيها املاء بان تغير الحقائق والوقائع وهل طلابنا طلاب علم ام طلاب عرض ازياء ومشاكل في الجامعات تحت اسم الوطنية .
باسم الوطنية علينا ان نحاصص الوزارات بين جميع المناطق وان نقسم البلديات بين جميع الحارات وان نمارس فزعة انتاج الفساد من جديد ومن ثم فزعة شتم الفساد الذي انتجناه حتى في انتخابات الاندية فان الكراسي باتت محدوده لهذا وذاك ولو قادوا الاندية للردى.
من الذي علمنا ان الديمقراطية هي بالشتم والسب وبالقتل ومن الذي قال لنا ان طل النشمي من الخندق يمكن ان تصنع لنا نصرا ومن الذي افتى بان الوطنية هي باكل القوي لحق الضعيف.
اي وطنية هذه التي لا نستطيع من خلالها كشعب تقديم انوذج راقي في التعامل فيما بيننا واي ديمقراطية ووطنية هذه التي باتت تفرز من لا نرضى ولا نحب بارادتنا نحن فهذا ابن العم وذاك ابن الخال وذاك ابن الحارة واي وطنية هذه التي نمارسها بينما لا نستطيع ان نوحد قوانا لانهاء مشكلة واحده تحدث في مكان ما لاننا نرجسيون ومقولتنا فخار يطبش بعضه.
اي وطنية هذه التي جعلت الاسم الرابع في وثائقنا اكبر من الوطن واكبر من الناس حتى اكبر من انفسنا واي وطنية هذه التي التي ابقتنا نتغنى بعنتر وفروسيته وقيس وحبه حيث سجنتنا خلف تاريخ وهمي دون اي تفكير بالمستقبل.
اي وطنية هذه حين نحتاج لكتائب من الدرك فقط لمباراة واحدة وكاننا جعلنا مهمة الدرك هي فقط المباريات وعن اي ديمقراطية نتحدث ونحن نحشر انوفنا في خصوصيات الناس ونبثها على الهواء مباشرة.
ساركوزي رئيس فرنسا تزوج عارضة ازياء فاحترم الشعب خصوصيته وماكرون تزوج معلمته التي تكبرة بعقدين من الزمان فاحترم الشعب الفرنسي خصوصيته بينما ترامب رئيس الدولة الاقوى كان متعهد مصارعة ولديه زوجة جميلة وابنه فاتنه لم ارى الشعب الامريكي وقد بدا يتكلم عنهن بينما نحن سقطنا عند عيون ايفانكا.
ارى ان المستقبل غامق اللون غامق حد الكحل ان بقينا على مثل هذه الحال استعراض بالاغاني وبالقوة وبالعدد دون رؤيا واحده لمستقبل ابيض دون حراك ديمقراطي حقيقي يحمي البلد منا قبل ان يحميها من الفساد وسط اعلام منقوع بالتغابي والفشل .
سنكون وطنيون اصحاب رؤيا حين ننسى ان نقول فلان وابن فلان وابن فلان هو الاحق من ابن فلان حين يكون الاسم الرابع عند الجميع هو الاردن فقط سنبني وطنا وسنكون نحن قادة الظروف ولن تقودنا الظروف اذا خرج اعلامنا المتغابي من نرجسيته واصبح الصحفي فقط يرد على تلفونات الناس وحين نخرج من نرجسيتنا التي صنعتها اقلام هاربة من واقعها.
سنكون وطنيون اذا ما زرعنا ورده على ارصفة الطرقات ونزعنا جلد الذات من نفوسنا حين نؤمن بان هناك حق ومستحق وكفاءة وابداع وقيم حتما سنكون وطنيون.
سنكون وطنيون حين نتعلم ان الخصوصيات للناس خط احمر وان للفقير الحق بالحياة كما للغني نفس الحق وحين لا ناكل حق الناس ونمارس الاستغباء وحين يكون يميننا صادرقا لا زورا
و حين ادخل المشفى ولا احتاج اعفاء وحين لا تتوقف جثة المتوفي ولا تخرج من المشفى الا بعد ان تدفع… وحين نتعلم ان الوطنية ليست مطية يركبها البعض وقتما شاء وحين يكون الاردن هو الاول فعلا وقولا وحين نخرج من الفزعة الى العمل والتخطيط والدراسة وقتها سنكون نحن اهل الوطنية .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى