2023 مدرسة ملهمة

2023 مدرسة ملهمة

#مصعب_البدور

لا غرابة أن ينتظم الإنسان في التعليم طوال عمره، ولرُبَّ درس قَدَّمَتْهُ الأيام فَرَسَخَ في التاريخ وغيّر خريطة الكون، ففي العام المنصرم تعلمنا أن العزّة موقف، وأن الذّلة اختيار، وأن التّوسط بين الحالتين قهر، فالّذي يرنوا إلى العزة ويخاف اختارها أضاف إلى الذلّ قهرا.

وتعلمنا في 2023 أن القوة لا تكمن في المادة والمال، فلرب فقير عجزت ناطحات السحاب عن قوته. 

مقالات ذات صلة

وتعلمنا في 2023 أن النصر شيء يأتي من الداخل ينبع من أعماق الإنسان، فالانكسار قرار، وعرفنا أنّ الموت لا يطال الأحرار.

وتعلمنا في 2023 أن الثَّبات ميزانُ كلِّ شيء وصمام أمانه، وتعلمنا أن الاكتفاء بالتّفرّج هو الهزيمة النكراء وأن الصمت هو الخيانة المدويّة. 

وعرفنا يقينا في 2023 أن التجدد انبثاق وأن الإعلام الصادق جيش لا يقهر وأن الحرب لا تنحسر في الجبهات فقط.

وفي 2023 تكشّف لنا ضعف المتعاطفين، وقلّة حيلتهم، وشهدنا فيه كيف للمرابطين بأفعالهم أن يكشفوا زيف الشعارات والادعاءات.

وفي 2023 تعلمنا أن الثّمار لا تجنى في حزيران وتمّوز وحسب فقد جاء تشرين بفاكهة لم تسبق من قبل، وفهمنا أن فصل الخريف موعد تساقط الألقاب والأقنعة، وأن أوراق الشجر ليست إلا مثالا بسيطا على التساقط.

تعلمنا في 2023 أن الشريف تحاربه الأيدي الخفيّة لأنه يفضح اتساخ السرائر، وتعلمنا في2023  أن من يسيرون فوق السجادة الحمراء، ويرتدون بِذْلات سوداء هم الحفاة العراة، وأن من يجري حافيا ليدافع عن وطنه هو صاحب الحلة البهية.

وتعلمنا من 2023 معيارا من معايير التفاضل بين النّاس وهو الرباط فالمرابطين صغارهم رجال ونساؤهم أوطان ورجالهم غضب الله المسلط على العدو.

وفي عام 2023 تعلمت أن الحقّ كله مغرم مادي، وأن الوطن ليس نقدا (مش كاش)، فإني شهدت رجالا يبذلون للوطن الولد والصاحبة والمال، تهدم بيوتهم فينبتون من جديد، ويزرعون في الأرض فيخرجون شجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء.

وتعلمنا من عام 2023 أن الأساطير من صنع الإنسان، وأن كسرها لا يحتاج إلّا إلى الإيمان وبعض الأدوات البسيطة.

وتعلمنا من عام 2023 أن المجتمع المستهلك ذليل، وأن الإنتاج هو القوة، وتعلمت أن الإنتاج الفكري هو غاية نهاية الجودة.

وتعلمت من عام 2023 أن العام لا ينتهي بنهاية كانون إنما بانتهاء الحدث، واللغة الأقوى تفرض تقويمها على الجميع.

ربما لن أستطيع حصر ما تعلمت في هذا العام ونسأل الله النصر والثبات لأهل الرباط.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى