عن يوسف غيشان وإلى سواه ! / عبد المجيد المجالي

الخال الحبيب يوسف غيشان ليس من أقدم الكتاب الساخرين في الأردن وحسب، بل أنه من أقدم المثقفين الذين آمنوا بالعلمانية أيضاً ،ورغم ذلك لم أقرأ له مقالة واحدة يسيء فيها للأديان التي يعتنقها الناس في بلده ،وأتذكر أن أول مقابلة صحفية أجريتها كانت معه ، سألته وقتها: ما هي المواضيع التي تتمنى الكتابة عنها وثمة ما يمنعك ؟ أجاب: أتمنى أن أكتب عن العلمانية التي أؤمن بها !

والوهم كل الوهم حين تظن بأن هذا الرجل لا يملك الجرأة ،فالذي يناطح الأنظمة والحكومات العربية منذ عقود،والذي كان من مؤسسي صحيفة عبد ربه الساخرة التي كانت تنتقد بقوة لم نمتلكها في زمن الربيع العربي والذي دفع ضريبة رأيه سجناً وتضييقاً لا يمكن له أن يخشى شيئاً،لكنها المروءة التي يمتلكها وإنسانيته العالية وتقديره وهو المثقف الكبير لطبيعة المجتمع الذي يعيش فيه وهي طبيعة قائمة على تقديس الأديان وعدم الإساءة لها مهما كانت الدوافع ، هي فقط ما تمنعه عن ترك كل ما ينغص على أبناء الوطن عيشهم والإنشغال بالإساءة لمعتقداتهم ومقدساتهم ،فيزيدهم حنقاً على حنق !
وددت أن أشكر مبدعنا وعقيد سخريتنا يوسف غيشان وأنا أرى كتاباً ظنوا أن التطاول على الأديان شجاعة ،وأن الشهرة هي الغاية الأسمى مهما كانت الوسيلة رديئة ،وددت أن أشكر يوسف غيشان وأنا أرى أسماءً لم نسمع بها أبداً ولم تعرف الإبداع يوماً ،وحين أفلست صارت تحاول أن تلفت النظر إليها بالإساءة للأديان التي يعتبر الناس الإنتماء إليها أهم ما يفعلونه في الحياة الدنيا !

وودت أن أقول أن أكثر ما يضحكني عندما نحاول إلصاق تهمة ظهور داعش بالأمريكان والصهاينة،ربما أنهم ساهموا في تمكين داعش ،ربما فسحوا لها المجال لتبطش وتنثر الوحشية أينما حلت،ربما مدوها بالسلاح والمال والرجال،لكن داعش صناعة عربية مئة بالمئة، هي ثقافتنا التي تقصي كل من يخالفها الرأي وتعتبر أن الله لم يخلق صواباً سواها،انظر من حولك وستجد أن ثمة داعشية في جميع المجالات، فمثلما أن ثمة داعش تسترت خلف الدين الإسلامي وشوهته وحملته من الأفعال المشينة ما ليس فيه، فثمة داعش في السياسة لا تعطي الفرص لغيرها،و ثمة داعش في الثقافة تظن أنها الناطق الرسمي الوحيد باسم الثقافة،وثمة داعش علمانية ترد على الإقصاء والإساءة بالمثل وأكثر !

مقالات ذات صلة
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى