عندما قال سوبرمان لباتمان Batman :سير يا وجه “الجايحة”، الله يعطينا وجهك
الحسين قيسامي
فرض وباء كورونا على عائلتي الصغيرة إيجاد استراتيجيات وإعادة هيكلة حياتنا اليومية من أجل التأقلم مع الحجر المنزلي. أصبح للبيت قوانين على الجميع الالتزام بها.
كل فرد ينخرط في البرنامج العام للأنشطة المنزلية. ونقوم بالتصويت من أجل اختيار الوجبة التي يجب تحضيرها او الفيلم المزمع مشاهدته.
في واقعنا المليء بالملل و الروتين اليومي، نسعى دائمًا إلى الترويح عن أنفسنا بمشاهدة أحد الأفلام. يفضل الأطفال افلام باتمان(الرجل الوطواط)، في حين انا وزوجتي نفضل افلام الأوبئة.
ارتفعت أسهم شركة نتفلكس للبث الترفيهي عبر العالم، خاصة لكونها توفر مسلسلات وأفلام تشاهد تحت الطلب دون انتظار وقت معين للبث. ونتيجة لذلك، تسابقت المواقع المتخصصة في توصيات المشاهدات بوضع قائمة لأفضل العروض في نتفلكس، لكن الملاحظ أن جل المواقع تخصصت في أفلام ووثائقيات ومسلسلات خاصة بباتمان و بالأوبئة.
يتبادل عشاق الأفلام اسم “contagion” الصادر عام 2011 ويحكي انتشار وباء خطير من الصين شبيه بكورونا. ومن جهة أخرى أضحى فيلم باتمان فارس الظلام ( The Dark Knight) الطير النادر بالنسبة للأطفال. وفي الأخير استسلمنا لنزوات أطفالنا بمتابعة فيلم باتمان.
بصدره الواسع وقناعه الأسود، يستخدم حزاماً يحمل فيه الأسلحة. يرتدى قفازات، وله أجنحة خشنة.
يبدو يقتص للمظلوم من الظالم ويحارب الجرائم ويقف في وجه الشر. بعد دقائق قفز باتمان من الشاشة ووقف امامنا..
اصابنا الفزع و التردد…وجدنا أنفسنا أمام وضع فوق طبيعي حسب الظاهر، مما دفعني إلى إعادة النظر في مفهوم العجائبي كما صاغه تودوروف في كتابه الرائد “مدخل إلى الأدب العجائبي”. في هذا الكتاب يتحدد العجائبي بشرط أساسي هو تردد القارئ في تفسير أحداث فوق طبيعية بالقوانين الطبيعية. بقناعه الاسود يبدو باتمان متأرجحاً ليواجه الاشرار..سيلفرباك و شيتا.. أما في واقعنا اليومي استسلمت البشرية للقدر وأخذ الفيروس يحصدهم حصدا. ففتك الوباء بالناس، وخلت الشوارع من المارة، وتكدست فيها جثث الموتى، وعجز الأحياء عن دفن موتاهم. فساد في الأرض الهلع والرعب من هذه الجائحة الجديدة. والكل يؤكد ان الأمراض المسببة لفيروس كورونا حيوانية المنشأ، ما يعني أنها تنتقل بين الحيوانات والبشر. يرجح بعض العلماء، أن يكون “فيروس كورونا” قد نجم عن طائر الخفاش داخل سوق للحيوانات في مدينة “يوهان” الصينية. ويبقى ناقل الفيروس والمتهم الرئيسي هو الوطواط. وبدا واضحا ان الرجل الوطواط (باتمان) يساند الجائحة…وشيء طبيعي ان ينحاز الوطواط الى بني جلدته ” الخفافيش”. لقد تبدد الأمل الذي كانت تعقده البشرية على المنقذ باتمان…ذلك البطل الخارق الذي يحارب الجريمة و الظلم…سقط القناع و ارتدى البشر الكمامة في انتظار سوبرمان. يقفز سوبرمان أمامنا …يخلع قناعه. يتصبب بالعرق موجها كلامه إلى باتمان (الرجل الوطواط): سير يا وجه الجايحة الله يعطينا وجهك.
