أيديولوجيا البعارين / يوسف غيشان

أيديولوجيا البعارين

حتى في عالم السياسة فقد تم توريط الحيوانات الجميلة منها والمحترمة، الغبية منها والذكية والمسالمة منها والمفترسة، الكبيرة منها والصغيرة.طبعا لم يأبه البشر اطلاقا، ولم يحاولوا الحصول على موافقات حنتلمانية من تلك الكائنات، وهكذا انتقلت شريعة الغاب الى عالم السياسة الدولية، بكل سلاسة:
-الصين حصلت على التنين، حتى صرنا نقول «التنين الصيني» للتعبير عن قوة الصين.
-روسيا حصلت على الدب، فنقول «الدب الروسي».
-فرنسا اتخذت الديك شعارا.
-الحزب الديمقراطي الأمريكي لم يجد افضل من الحمار، بينما «الجمهوري» وضع الفيل شعارا، فصارت امريكا تحكم بالحمار تارة وبالفيل طورا.
العرب حصلوا على البعير …وهذا هو مقتلهم(مقتلنا).
البعير طبعا كائن محترم صبور مجالد هادئ متين قوي، كل هذه الصفات الجميلة تركناها، ولم نتقمص من البعير سوى بعض صفاته غير المستحبة (بشريا على الأقل).
صارت الصورة النمطية عن العرب، هي صورة بعير كسول وسخ فاغر الفم يتم تصويره في الصحراء او امام الإهرامات او في البتراء، لكأننا نقول في صورتنا النمطية، اننا شعوب قديمة اثرية ..وما نزال.
هذه الصورة النمطية تخدع شعوب العالم الأخرى ولا يعرف معظمهم ان ثمة سيارات وعمارات وشوارع وبقية متطلبات الحضارة، لا يعرف ذلك الا اولئك الذين يزورون المنطقة، اما اغلبية شعوب العالم فلا تزال تعتقد اننا نلوذ بتلك البعارين ونشرب حليبها ونأكل لحمها، وربما نبتاع ما نريد على الإنترنت بواسطة تمرير بطاقة «الفيزا كارت» في افوافهها الفاغرة.
المشكلة اننا صدقنا ذلك من بداية تاريخنا الحضاري، فلم نأبه باختراع العجلة ولا بابتكار العربة، فقمنا بإهمال كامل شبكة الطرق البيزنطية تماما، وبقينا نستعمل البعير والحصان والحمار في تنقلاتنا.
هكذا سار العالم بسرعة دوران العجلة …بينما سرنا على خبطة أخفاف البعير . فلا تعجبوا؛ لأننا كنا في المقدمة، فصرنا في المؤخرة.
وتلولحي يا دالية

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى