ستوديو التصوير وأيام زمان
في غابر الزمان .. كان يا ما كان .. كانت مهنة ” المصوّر” من المهن الفنيّة الراقية .. و كان ستديو التصوير عالماً راقياً من بين المحال التجاريّة و الدكاكين .. فاسمه ستديو ” ريڤولي ” مثلاً .. في الوقت الذي كان فيه اسم الدكاكين .. عربياً او شعبياً .. بقالة الأمانة .. ملحمة الشعب .. مخبز البركة ..
للتصوير الفوتوغرافي ذكريات ، لعل أبناءنا لم يعيشوها .. فمثلاً حين كانت معظم المعاملات الرسمية من الحصول على هويّة شخصيّة أو جواز سفر أو التقدم لامتحان المترك أو التوجيهي .. لا بدّ لك من استحضار أربع صور .. و في حال الاستعجال كان هناك المصوّر الذي ينصب كاميرا بشكل صندوق في الشارع بجانب حائط .. حيث يقف الشخص في مواجهة هذا الصندوق .. و يُدخل المصوراتي راسه بكيس أسود مثبّت على الكاميرا الصندوق
و يطلب من الزبون أن يَثْبُت ، ليضغط على زر .. و بعدها .. كالحاوي يغسل ورقاً خاصاً بالصورة .. تسمّى عمليّة تظهير .. لتخرج بعدها صورة الشخص بالأبيض و الأسود
و يعلقها بالملقط حتى تجفّ .. و غالباً ما تكون هذه الصور المستعجلة تشبه
صاحبها ..!! و هي أشبه ما تكون بصور المطلوبين للعدالة .. إذ يكون الشخص الذي تصوّر ع الواقف .. متجهماً أو عابساً .. و
بالطبع .. الابتسامة ممنوعة في الصور الرسميّة ..!
أما التصوير في الاستوديو .. فغالباً يكون للشخص فرصة أن يستعدّ لها .. فيلبس أجمل ما عنده من الثياب .. و يضع على شعرة ” زيت الشعر ” ليكسبه اللمعان !!
لأصف لكم كيف كانت طقوس التصوير سابقاً .. فأنت تذهب للاستوديو و تصعد أعلى السدّة .. حيث تشاهد غرفة مظلمة تتحسس طريقك فيها .. و يتبعك المصوراتي .. و تجلس على مقعد .. طربيزة مستديرة و تشاهد خلفك مناظر طبيعية ملصقة على الحائط أو الستارة ..و هناك كشافات ضوئيّة منصوبة لتوفير الإضاءة
للكاميرا ..
و هنا يبدأ المصوّر بتعديل رأس الشخص
بزاوية ميلان مناسبة و يحرّك رأسه يُمنة و يُيسرة ..و بعض الزبائن .. يحرّك رأسه ، إذ لا يستطيع الثبات على وضع محدّد ..
و بعد جهد و معالجة و طلب الابتسامة
تندفع إضاءة .. كأنما البرق .. لتعلن انتهاء العمليّة ..
هذه المهنة ، تشهد اليوم و بعصر الديجيتال
و الكمبيوتر الكثير من التطوير .. و قد فَقَدَ التصوير القديم الكثير الكثير من طقوسه
حينما صار للكاميرا التقليدية غريم و منافس .. إنه هذا الهاتف الذي التصقت به كاميرا بحجم رأس الإصبع !!
