هل مالت شمس النفط إلى الغروب؟

تعالت مؤخرا أصوات تؤكد أن رحلة النفط المعاصرة تقترب من خط النهاية، وأن العالم أصبح مهيئا أكثر فأكثر للاستغناء عن الذهب الأسود، فهل يمر حقا الآن أمام أعيننا مشهد غروب شمس النفط؟

هذا ما أكده مؤخرا غيرمان غريف رئيس “سبيربنك” أكبر المصارف الروسية بقوله: “من الصائب القول إن العصر الحجري انتهى، ليس لأن الأحجار نفدت، ويمكن قول الأمر نفسه عن عصر النفط”، موضحا “حين جلست في أول مرة في سيارة Tesla (الكهربائية) عرفت أن المستقبل قد حل قبل موعد انتظاره”.

وأوضح غريف في هذا الصدد أن الصين، أكبر مستهلك للنفط والغاز في العالم، سوف تزيد قوة محطات توليد الكهرباء التي تعمل بواسطة مصادر الطاقة المتجددة، ما يسمح بالقول إن عصر النفط قد انتهى.

وأشار المسؤول المصرفي الروسي الرفيع إلى أن بكين تسرع في تطوير مشاريع لمصادر الطاقة البديلة، لافتا إلى أن الصين سترفع في السنوات المقبلة من قوة محطاتها لتوليد الكهرباء العاملة بالطاقة المتجددة إلى 560 غيغاواط، وهي أكثر، بحسب غريف، من ضعفيالقوة الإجمالية المثبتة في روسيا، وهي 235 غيغاواط.

ويجدر الذكر أن أحمد زكي يماني وزير النفط السعودي بين عامي (1962 – 1986) قد قال عبارات مشابهة في سبعينات القرن الماضي جاء فيها أن “العصر الحجري لم ينتهي بسبب نقص الحجارة، وعصر النفط سوف ينتهي قبل أن ينتهي النفط”.

منشأة نفطية في ليبيا
منشأة نفطية في ليبيا

بالمقابل، يقول خبراء آخرون إن التنبؤ بانتهاء عصر النفط مثل الإعلان عن قرب نهاية العالم، تكرر مرارا ولم يتحقق.

هؤلاء يعززون موقفهم بالاستشهاد بنموذج نادي روما الفكري الذي أعلن في منتصف السبعينيات أنه يتعين انتظار نهاية العصر النفطي بحلول عام 2000 ، ولم يتحقق ذلك، وبقي النفط كما في السابق يغطي تقريبا ثلث احتياجات الإنسان من الطاقة.

كما يُذكّر أصحاب هذا الرأي بأن التوقعات كانت ترجح أن تنضب آبار النفط قبل أكثر من عشر سنوات، لافتين إلى أن منتجي النفط والغاز الآن ومصنعيهما يشغلهم الآن موضوع آخر هو انخفاض الطلب.

ويؤكد خبراء وجود مخاوف حقيقية من أن نهاية العصر النفطي الذي يسجل عام 1859 بدايته الرسمية، آتية لا محالة، لكنهم يشددون على أنها لن تكون بسبب نقص الخام بل لأن البشرية لم تعد بحاجة إليه.

في ضوء كل ذلك يمكن القول عن النفط يعاني من أزمة حقيقية ومن وضع حرج لأسباب عديدة أهمها الطفرة الهائلة في العلوم التي تمكن باضطراد من استعمال مصادر طاقة بديلة نظيفة ومتجددة، وسعي دول كبرى من بينها الولايات المتحدة إلى الاسراع في فك الارتباط بالنفط لأسباب سياسية.

وكان الرئيس الامريكي باراك أوباما أعلن في حملته الانتخابية عام 2008 الحرب على الاعتماد الكلي على النفط، وبخاصة في مجال تشغيل السيارات، وقال في تصريح بهذا الشأن: “يجب علينا التخلص من ارتباطنا القاتل بمخلفات القرن التاسع عشر المكلفة التي ندفع مقابلها للموردين أموالا ضخمة، على الرغم من أن العديد منهم لا يكن لنا إلا العداء السافر”.

في المحصلة، يمكن القول إن وداع زمن الرخاء النفطي وما يعرف بـحقبة “البترودولار” يقترب من الجميع بسرعة كبيرة جدا، وهو في كل الأحوال لن يكون مفاجأة إلا للذين فقدوا وعيهم طواعية واكتفوا بالاستلقاء على الأرائك الوثيرة من دون أن يقيموا أي وزن للزمن.

محمد الطاهر

(المقالة تعبر عن رأي الكاتب)

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى