بين القطاع العام والخاص / علي الشريف

بين القطاع العام والخاص

اعجبني تقسيم الفساد في الاردن بين اكبر واصغر واعجبني اكثر قصة الانتهاء من الفساد الاكبر مما يعني اننا سنتفرغ للقضاء على الفساد الاصغر.
بصراحة هذا الكلام هو الذي يجب ان نعمل عليه وهو القضاء على الفساد الاصغر لانه هو الاكثر ضررا في المعاملة ولو استطاعت الحكومة ان تنجز القضاء على الفساد الاصغر فانها حتما ستنجح نجاحا مدويا في هدم عرش الفساد كاملا لانها ستضرب الاساس .
لنكن واقعيين ونبعد عن الاحلام فنحن قضينا سنوات طوال ونحن نقول فلان فاسد وفلان غير فاسد وهذا حرامي وذاك شريف لا استطعنا ان نثبت فسادا على الفاسد ولا استطعنا ان نتثبت سرقه واحده على الذين ادعينا انهم سرقوا .
لكننا كل يوم نرى فسادا مدويا في مؤسساتنا … نراه لاننا نحتك به يوميا من ترهل في العمل ومن رشاوي وشلليه اصبحت اقرب الى العصابات المنظمة التي لكل شخص فيها دور .. ودون ان نذكر بالتفاصيل الا اننا يمكن لنا ان نشاهد ..
الفشل في القطاع العام مرده لمدير فاشل غير معني بالتطوير وانما معني بامتيازات ومكاسب وهذا ينعكس سلبا على اداء من دونه وبالتالي تصبح المؤسسة مثل حارة كل من ايدو له ..نتيجة غياب الرقابة والواسطة..والمحسوبية والاهم هو عدم وجود الرغبة في التطوير..
الفشل ايضا في القطاع العام مرده الى محاولة التنافس البائسة مع القطاع الخاص واطلاق الشائعات والاتهامات بحق اصحاب المؤسسات الخاصة لتبرير الفشل على الرغم من ان كل ما يرى يقول نجاح مذهل عند القطاع الخاص وظبط وانظباط وبالتالي مميزات ومرابح ورواتب مرتفعه ..
والفشل مرده في القطاع العام الى البيروقراطيه وحكم المكاتب فالمدير او المسؤول هناك لا ينقصه الا ان يضع على جبينه انا ربكم الاعلى فاعبدون..بينما في القطاع الخاص يمكن ان يقوم المدير فيقدم خدماته لك مباشره وينهي تعبك.
تعالوا نتكلم بشكل مختلف اتهمنا البعض انه هناك فساد في الخصخصة ولكن كيف اصبحت حال المؤسسات بعد الخصصة … في الاتصالات كنا نحتاج عشر الاف واسطة وسبع الاف سنه وطون من الورق حتى نستطيع ان نتحصل على هاتف ارضي وبين كل هذه الاثناء لم نكن نسمع كلمه طيبة من موظف ولم نكن نرى ترتيبا حتى.
اليوم تستطيع ان تحصل تليفونك الارضي بمجرد اتصال هاتفي وان اردت هاتفا نقالا فيمكنك تقريبا ان تتحصل عليه مع الخط من اي شارع في الاردن اما ان كنت بمراجعه فانك ستسمع كلاما لطيفا ومشكلتك ستحل خلال اربعة وعشرين ساعه على الاقل بينما مشكله في القطاع العام ربما تحتاج سنوات لحلها رغم انها بحاجة الى توقيع فقط.
دعونا نكون واقعيين … الفساد الاصغر بات يدمر مقدراتنا والخوف ان يصل الى اماكن لم نكن نحلم ان يصلها …والذين اتهمناهم بالفساد الاكبر نراهم اكثر قربا من الناس ويمكنك ان تدخل مكتب اي شخص بدون موافقات وحجز
الفساد الاصغر دمر مؤسسات وهو بالتالي اصبح ركيزة ثابته يرتكز عليها الفاسد الاكبر لانه حين يجد ارضا صلبا سيتمادى فان ضربنا ما يقف عليه سيقع ويهتز وربما ينهار نهائيا لان الارض التي تحته لا يمكن ان تحتكل فاسدا…
بصراحة حديثنا المتواصل عن الفساد بات ينتج جيلا اخر من الفساد يعمل جهارا نهارا دون حسيب او رقيب ولو اهتمت الحكومة ووجهت نحو تنظيف البلد من الترهل والرشاوي والمحسوبيات وزرعت في الناس ثقافة الخوف على الوظيفه وحب العمل لراينا انموذجا في مؤسساتنا …ولو اتخذت قرارا بمحاسبة القاعدة لما وصل الفساد لراس الهرم ..فالقاعده هي من تتعامل مباشرة مع الناس والناس يردون خدمات سريعه بدون وجه عبوس او موظف يتناول افطاره وقت الدوام ويترك مكتبه او .. شخص لا يقدم دفعه الا وقت الدفع….والسواليف طويلة.
اكبر مثال يمكن ان اعطيه … شركة الاتصالات … شركة زين … الاردنية للطيران …اورانج وامنية … فلا مكان للترهل فيها .شركات المواصلات الخاصة .. جريدة الغد ايضا هي مؤسسة ناجحه جدا رغم عمرها الصغير في سوق الاعلام الاردني وقناة رؤيا …. وكل من ذكرناهم ينافسون ويتفوقون على مؤسسات وطنية تنهار .. لكن المصيبة ان البعض يتهم كل هذه المؤسسات بالفساد وينسى كتائب الفساد الاصغر في القطاع العام.
خلاصة الامر ربما يقول احد ما اننا ندفع ثمن هذه الخدمات فهل يمكن ان نساله هل الدولة تقدم لنا خدمات بالمجان …نحن ندفع للدولة ولا نجد وجها بشوشا في مؤسساتها …ونحن كشعب نحب المثل الذي يقول لاقيني ولا تغديني …

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى