عندما تهمش الحكومة المواطن / راتب عبابنة

عندما تهمش الحكومة المواطن
وهي تلملم متاعها وتستعد للرحيل في القريب العاجل جدا إن شاء الله، لا بد من جردة حساب من خلالها نبين كم كانت هذه الحكومة تطوي سنة بعد أخرى من الفشل والإخفاق والتعثر. رغم عمرها الأطول بين مثيلاتها، إلا أن الفشل لم يفارق سياساتها والتخبط والقرارات المجحفة ديدنها، إذ كانت تلك عناوين سنوات عجاف مرت على الأردن بسبب هذه الحكومة ودور الكبير بخلق المعاناة والفقر والأعباء.
لقد كان نهج الرئيس قائما على تبني آلية مخرجاتها دعم جهاز الدولة بما أتيح له من وسائل مع عدم الإلتفات لما يمكن أن تسفر عنه هذه الآلية بحق المواطن. فلا الدولة وأجهزتها استفادت من حيث العجز في الموازنة والدين المتزايد بسرعة البرق ولا المواطن لمس أي انعكاس إيجابي على مستوى معيشته، بل هي آلية عادت على الإثنين بالتراجع اقتصاديا واجتماعيا. لكن للحقيقة، تعودنا أن تكون المنافع شخصية، إذ كل يعمل لتأمين معيشته بعد المغادرة ببضعة ملايين وقصر وتأمين الأبناء والأحفاد والمحاسيب.
العمل للصالح العام يكاد يكون معدوما والسبب أن الوطن والمواطن ليس لهما مكان في سلم أولويات هؤلاء. توجد الحكومات بالمعنى المطلق وفي المقام الأول لخدمة المواطن وضبط العلاقة بينه وبين أجهزة الدولة المختلفة وتنظيم سير الحياة وخلق الحلول للمنغصات التي تواجه المواطن والوطن.
الحكومة منوط بها ضبط الإيقاع بين طرفي المعادلة أي أجهزة الدولة والمواطن بحيث تخلق توازنا واتزانا يساعدان على المسير بانسيابية دون تغول أحدهما على الآخر. لكن ما لمسناه وعشناه واكتوينا بناره هو أن د. النسور تعامل مع هذه المعادلة بتهميش وتغييب طرفها الفاعل والأولى بالإهتمام والرعاية وهو المواطن. وبالتالي انحصر اهتمامه بالطرف الآخر (النخبة أو الصفوة)، إذ لا خير يرجى من حكومة تدعم وتناصر أقلية على أكثرية.
فما الذي حققته وأنجزته هذه الحكومة المستهترة بالعقول؟؟ هناك من الفشل الكثير والإخفاق المحبط والسياسات المجحفة والقصور في التعامل مع الحكومات الأخرى وعدم الإمتثال للرسائل الملكية.
العجز في الموازنة يلامس المليار دينار والمديونية ارتفعت بعهدها البغيض ستة مليارات حتى قاربت على الـ 25 مليار دينار. ولا ننسى بهذا الشأن التقشف المزعوم وارتفاع الضرائب وسياسة الجباية بالإعتماد والإعتداء على جيب المواطن حتى أفرغت ما به. القتل والإنتحار صارا أمرا اعتياديا. الإعتداء على رجال الأمن والدرك والمؤسسات صار أمرا مألوفا. الإعتصام جراء الظلم والإجحاف لا يتوقف.
اللجوء السوري لم يطبخ وينفذ ويعالج على أساس عدم الإضرار بحق ومصلحة المواطن والوطن. الدول المانحة تتقدم بتثاقل وبطئ شديدين لعدم وضوح الخطاب الحكومي الذي عليه توضيح الرسالة وتوصيلها ضمن توليفة وإعداد يضمنان تحقيق الهدف. لكن ما نلمسه هبات آنية ومواقف قائمة على الإرتجال والفزعة وليست قائمة على دراسة متعمقة من مختصين وخبراء، بل تهويش وتحشيد إعلامي بعيد عن المواقف الحازمة التي ترتقي لمستوى الحدث.
جلالة الملك عبدالله يؤمن بمبدأ استمرار الحكومة وتزامنها مع عمر مجلس النواب تحقيقا لمبدأ التشاركية والتعاون والتدارس بين الحكومة والمجلس وليس استحقاقا للحكومة. وهو مبدأ صائب يمكن الحكومة من تنفيذ خططها وبرامجها ومتابعتها والإشراف عليها لتحقق الهدف من تعيينها. ويتحقق هذا المبدأ عندما تفهم الحكومة حقيقة وجودها وما عليها تحقيقه في هذا الإطار. كما أن المبدأ يقوم على تفادي التداخل والتأخير وتغير القناعات بحال تعيين حكومة جديدة.
لكن وبعد مرور ما يقارب الأربع سنوات لم يتم استيعاب الرسالة الملكية واعتقد دولته أن عمر حكومته كعمر المجلس دون الإلتفات للإستحقاقات المترتبة على الحكومة خلال هذه المدة من عمر الأردن. ولذلك انصرف دولته يدير الشأن العام بطريقة الطوارئ وليس على أساس الخطط والبرامج التي يمكنها أن تعالج مشكلاتنا ولو بالتدريج.
وحكومة لا تعمل على رفع مستوى المعيشة وتنمية الإقتصاد وخلق فرص عمل هي حكومة فاشلة وكانت قد استحقت الرحيل والإستبدال منذ الشهور الأولى لأنها تنتقل من فشل لآخر وألحقت الأذى بالمواطن والوطن على حد سواء.
نسبة الفقر ارتفعت. التذمر وعدم الرضى والغضب يمكن قراءتها بالعيون وسماعها بالأذن. الفاسدون لم يحاسبوا، بل طلب دولته من المواطنين إحضار وثائق وتقديمها لإدانة الفاسدين وكان المواطن هو من يملك الوثائق وأوراق الإتفاقيات ودهاليز السمسرة والرشوة، أما الحكومة بأجهزتها المختلفة لا شأن لها بمن يسرق ويتآمر على المواطن والوطن. هل بعد هذا العجز والتغاضي والتقصير مبرر لبقاء هذه الحكومة هذه المدة القياسية؟؟
الصحافة وخصوصا الإلكترونية تم التضييق عليها بقانون غير عادل. الصحفيون يتم توقيفهم لأسباب غير مقنعة، فالكلمة محاربة والرأي مكبوت والحريات تتراجع مم جعل منظمات حقوق الإنسان أن تصنف الأردن وتضعه بمرتبة متدنية.
التوريث وتدوير الأسماء والعائلات والسلالات قائم على قدم وساق. هذا بالوقت الذي شكل به جلالة الملك لجنة ملكية تعنى بالنزاهة والتأكد من أنها الدليل الهادي في التعيينات والتشريع والقرارات والإجراءات. لكنها لجنة ليس لها من اسمها نصيب وعنوان كبير بلا مضمون.
نخلص إلى قول أن حكومة كهذه قد أضاعت الكثير على الأردن، بينما كان من الممكن قيادة المسيرة وإدارة البلاد بطرق أنجع لو امتثلت للتوجيهات الملكية ووضعت المواطن ضمن أولوياتها وشجعت الإستثمار بدلا من أن تجعل من سياساتها عاملا طاردا للمستثمرين. لكنها جعلت من جهاز الدولة محط اهتمامها الوحيد وهمشت المواطن وأهملته وجعلت منه ممولا لدفع فواتيرها. مبدأ الجباية الذي اعتمدته لم يأتي إلا بزيادة عدد الفقراء وزيادة عدد الأغنياء كما لم يخفض دينا ولم يسد عجزا. فأين إنجازك أيتها الحكومة؟؟
حمى الله الأردن والغيارى على الأردن والله من وراء القصد.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. عن اي حكومة تتحدث؟!!!! الحكومات الاردنية ليست صاحبة ولاية عامة و لهذا استقال الدكتور عون الخصاونة لأنه رفض ان يكون امعة بيد…………….و ………………………….. ……………..و امثاله ممن باعوا آخرتهم لدنيا غيرهم من اجل لقب (دولة) لا سلطة حقيقة بأيديهم و سيذهبون الى ………………………………….

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى