“طز” صرخة في زمن الصمت

“طز” صرخة في زمن الصمت

م. عبد الكريم أبو زنيمة

ما نشهده هذه الأيام عبر وسائل التواصل الاجتماعي وحراك اجتماعي مرده تعبير عن حالة يأس وإحباط لأحد الأحرار الأردنيين شاء قدره أن يكون عضواً في #مجلس #النواب الحكومي! النائب أسامة #العجارمة وأمام خذلانه من قبل زملاءه وصمت غالبيتهم إغماض أعينهم وصّم آذانهم عن القضايا الوطنية وهموم وأنين والآم الشعب الأردني وفي ذروة إحباطه وشعوره بعجزه عن الانتصار لحقوق ومطالب الأردنيين لم يجد ما يسعفه غير نعت المجلس ونظامه الداخلي ب ” #طز ” بهيك مجلس وبنظامه الداخلي .

نحن لا نلوم الأموات يا أسامة! لا نلوم أولئك الذين افنوا أعمارهم تحت القبة يكنزون الذهب والفضة والدولارات! والذين كانوا صماً بكماً عمياً عن كل مآسي الوطن والمواطنين! بل نلوم الأحياء “العرموطي وينال وقبلكم صداح وغازي وغيرهم من الشرفاء الذين أبوا الا أن يكونوا جزءاً من هذه المسرحيات الهزلية” ونلوم الشعب الذي لدغ من نفس الجحر مرات ومرات لاهثاً وراء وعود كاذبة، فالحياة البرلمانية يا أسامة ابتداءً من عام 1994 ولغاية تاريخه بكافة أركانها هي سلطة تشريعية حُذفت من مهامها سلطة الرقابة والمسائلة لتخدم السلطة ورأس المال المرتبطين ارتباطاً مباشراً مع القوى الرأسمالية الاستعمارية، لذلك جرى تزوير كل المجالس النيابية المتتالية وتفريغ الحياة البرلمانية من مضمونها وجوهرها لتمكين الحكومات تنفيذ السياسات اللاوطنية المطلوبة وبنفس الوقت تمرر المعاهدات والاتفاقيات التي كان يستحيل إقرارها في ظل مجالس وطنية ديمقراطية تعكس وتمثل ارادة الشعب، لذلك جردت الدولة من كل مقدراتها ومصادر مواردها ونهبت وهربت عائداتها المالية، صاحبها وبشكل مبرمج نشر الفساد بأشكاله المختلفة مع تدمير ممنهج للقطاعات الانتاجية بسياسات مالية لا وطنية وغير إنمائية أدت إلى إغراق البلاد بالمديونية وتحويلها لدولة ريعية مسلوبة السيادة تعتاش على المنح والمساعدات والقروض، شهدت الحقبة ذاتها تراجعاً واضحاً للخدمات والرعاية الاجتماعية وخاصة الصحة والتعليم، نتج عن هذه السياسات تفشي الأمراض الاجتماعية “تفشي المخدرات، الجرائم، البطالة، ارتفاع نسب الطلاق، الفساد، الإفلاس…الخ” وجرى العبث بشكل مدروس بالنسيج والسلوك والقيم الفردية والمجتمعية وشراء الذمم للوصول الى مجتمع محبط يائس بائس مشرذم لا يفكر فيه الفرد إلا بذاته أياً تكن قذارة الآلية والوسيلة، هذه المجالس هي من رهنت رقاب الاردنيين وسلطتة الإعلامية وصحافته الحرة لسيف ونير السلطة التنفيذية من خلال شرعنتها القوانين المكممة للأفواه والمقيدة للحريات وحرية الرأي والتعبير وتفعيل قوانين الطوارئء مع غياب كامل للرقابة والمسائلة.

هذا المجلس غير الشرعي حسب المعايير الديمقراطية الذي جاء بمشاركة 29% “حسب البيان الحكومي” من الشعب وبرئيس معين له قبل شهرين من الانتخابات وما رافقه من تعيين وتزكية الغالبية من أعضاءه لن يحتمل صوتك الوطني ولا أصوات زملائك الذين لا يتجاوز عددهم أصابع اليد ممن يجاهرون بما يجول في خواطر الأردنيين! لطالما تمنينا أن نشهد ممن انتفض ضدك أن ينتفض لهيبة المجلس وإرادة الشعب التي جاؤوا باسمها عندما ازدرت الحكومة قراركم بطرد السفير الصهيوني التي لم ولن تنفذه! تمنينا انتفاضة منكم تسقط اتفاقية تدنيس تراب الاردن وانتهاك سيادته وكرامته الموقعة مع أمريكا! انتفاضة تحفظ وتصون حقوق وكرامة المواطن الاردني التي كفلها الدستور! لماذا لا تنتفضون بوجه سياسات التوريث والتعيين ! أين أنتم من مؤسسات ودكاكين التنفيع بأشكالها وألوانها المختلفة! أين أنتم من قضايا الفساد؟ ألستم السلطة العليا – الشعب مصدر السلطات لا سيما احتفالاتنا قائمة بمناسبة المئوية الأولى من عمر دولتنا!!!

باختصار: هذه السياسات عبر عقود من الفساد والتزوير والتضليل أدت إلى إغراق الدولة بالمديونية الباهظة وأفشلت كل مؤسساتها وقطاعاتها الإنتاجية ودمرت جيل كامل كطاقة إنتاجية وجعلت منه عبئاً أضافياً قد ينفجر بأي لحظة.. هذه السياسات حولت الدولة الى دولة هلامية تديرها حكومات وظيفية نفعية بأجندة وأهداف خارجية، هذه الحكومات ممكيجة بأدوات ديمقراطية مزيفة كالمجالس النيابية وحياة سياسية ممولة ومرتهنة مالياً ومؤسسات مجتمع مدني مدجنة، لذلك ستكون هناك انتفاضات ضد أي صرخة من أي كان يهدد مصالح هذه المنظومة ، وسنشهد قريباً تشريع قوانين تجّرم “الطز” أي طز في زمن الصمت!

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى