النيل يمر من الأردن / د.ماجد توهان الزبيدي

النيل يمر من الأردن:لحظات مع خديجة الحباشنة

للمؤتمرات والندوات والمحاضرات العامة فوائد جمّة،علمية وإجتماعية!ففي الجانب الإجتماعي يتعرف المرء المُشارك إلى وجوه جديدة ومتخصصة في ميدان اللقاء!
ففي المحاضرة الأخيرة للكاتب التي ألقاها في مقر رابطة الكتّاب الأردنيين ، تعرف إلى الدكتورة خديجة عبد الرزاق الحباشنة ، التي أنهت مرحلة الثانوية العامة عام 1964م، وسمح لها والدها المتنّور بالدراسة، في جامعة عين شمس، بعاصمة أرض الكنانة ،كأول طالبة جامعية أردنية تدرس في الجامعات المصرية ،في مجتمع يغلبُ عليه المحافظة الصارمة، فيما يتعلق بسفر البنات للمدينة المجاورة في الوطن ،فكيف إلى بلد عربي آخر،بعيد، كمصر!

اخبرتني الدكتورة المُثقفة ،خديجة الحباشنة، ان المرحوم والدها كان مُتعلما ،لكنه توقف عن دراسة الصف الأخيرللثانوية العامة ،عندما لم تسمح له ظروف والده بالإلتحاق بمدرسة السلط الثانوية من الكرك ،لكنه واصل تعليمه الذاتي،وكان يرى أن ماتحققه إبنته في ميدان العلم والمعرفة هو ماتمنى تحقيقه!
من الأمور اللافتة في حديث الدكتورة خديجة أن والدها كان يعمل في مدينة الرمثا ،وأن من عادة المدارس آنذاك أن ترسل شهادة نهاية السنة الدراسية الخاصة بالفتاة إلى والدها مباشرة ليطلع عليها قبل صاحبة الشأن!فما يكون من الوالد سوى رفض الإستلام وإحالة الشهادة وحاملها إلى المصدر الصحيح :صاحبة الشهادة!
وتضيف الدكتورة خديجة:درست تخصص علم النفس بجامعة عين شمس ،وفي الأسابيع الأولى من السنة الأولى،لفتُ إنتباه الدكتور الذي كان يشرح لنا عن نظرية الإنفعالات عند “فرويد”،عندما ناقشته في نظرية الإنفعالات عند “سارتر”!فما كان منه سوى سؤالي مباشرة :”إسمك إيه يابت”؟ولمّا عرف من لهجتي وإسمي انني لست طالبة مصرية بل اردنية،سألني فورا:”من فين من الأردن يابت”؟ اجبت:من الجنوب! فرد الدكتور امام الطلبة:انتي بدوية يابت”؟ وأضاف:”هم اهل الجنوب يسمحوا لبناتهم بالسفر خارج البلد”؟ثم انهى حديثه لي:”تيجيني يابت المكتب..لازم اروح هناك لبلدك واعرف إزاي جيتي القاهرة”؟!
تضحك الدكتورة خديجة وهي تروي القصة ونضحك معها في ذلك المساء الشباطي فيحي جبل اللويبدة،ثم تضيف:كثيرا ماكان زملائي الذكور والآناث من طلبة تخصص علم النفس المصريين يسألونني بجدية تامة:”هو النيل يمر من عندكم بالأردن”؟!
ولما سألتُ الدكتورة خديجة :هل صدق الدكتور وزار الأردن؟ ضحكت عاليا ثم قالت :نعم جاء عام 1967م وزارنا بالبيت وقمنا بالواجب تجاهه وليخرج بنتيجة قالها امام الملأ:”يابت ياخديجة :البنت إللي عندها أب مثل باباكي يحق لها أن تفعل ماتشاء”!
كانت خديجة الحباشنة مختلفة منذ صغرها ..منذ المرحلة الإبتدائية والإعدادية ،إذ كانت مُطالعة للقصص والكتب ومشاركة في اعمال المسرح بالمدرسة ،وتتلقى المديح بإستمرار من معلماتها ،دافعها في ذلك قول والدها لها بإستمرار :”حقق يابنتي ما لم أستطع تحقيقه”!
كانت أمسية رائعة في حضن رابطة الكتاب الأردنيين في ذلك المساء الماطر مطر المزن في واحد من مساءات جبل اللويبدة الجميلة ،زاد من جمالها وجود وجوه وقامات ثقافية مبدعة مثل:احمد ماضي وخديجة الحباشنة،وسلوى العمد ويوسف الربابعة وحنا عماري وقمو ة ومحمد المشايخ وتيسير نظمي وآخرين !”هو النيل ياخديجة يمر من عندكم من الأردن؟؟؟”

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى