أُذني ليست معك / كامل نصيرات

أُذني ليست معك
في روايتها الغائبة عن الأسماع و الأبصار (أذني ليست معك) تحاول الكاتبة (سوسانا سانديرا) أن ترتكز على ثقافة الضجيج في المجتمعات ..فتجعل من بطل الرواية (سامورا) شخصاً عصبياً رغم ثقافته الواسعة إلا إنه يعجز عن توصيل فكرته بسبب استخدامه للألفاظ النابية وبعصبية واضحة وسط الطبقة المخملية التي تتمسك بالبريستيج و البروتوكول على حساب تفاصيل الحياة الأخرى ؛ مثل بساطة الجلوس المباشر أجمل من تعقيد كيف نجلس ..؟ و إخراج يدك من جيبك أفضل من تعليمي متى أدخلها ولماذا ..؟.
لكنّ كل هذا ؛ لم يشفع لـ (سامورا) عند حبيبته (كاروم) القادمة من العالم المخملي نحو عوالم الصعلكة و البساطة و كشف الأغطية ..فهي ادّعت أنها تحب هذا كلّه لأنها تحبّه ..وظلّت تقنعه بذلك كي لا يعتقد أنها تفعل ذلك لأجله فقط ..وبداخلها رفض لكل ذلك ..! حتى إنها في إحدى المرات صارحت أحد الأطفال المتسولين في أحد الشوارع المزدحمة عندما تقدم نحوها : اذهبْ أيها الطفل ؛ إنك تدفعني للقيء ..ما الحاجة لوجودكم ؟ ونهرته بعنف ؛حتى وصل حبيبها فركضت باتجاه الطفل و أهدته وردة مع الورقة النقدية وقالت له بصوت حنون : كلّما تراني أيها الطفل الشقي تعال نحوي بلا مقدمات ..لك حصة لدي محجوزة منذ ميلادي سأعطيك إياها على مراحل ..! و التفتت إلى حبيبها و قالت له : بأننا يجب أن نفعل لهم شيئاً دائماً ..؟! وكل ما كانت تريده بتلك اللحظة هو قبلة ساخنة و حضن لا يتوقف عطاؤه ..بل هي التي كانت تتسول وليس الطفل المشرّد ..!
تختم (سانديرا) روايتها بمعضلة حقيقية ..صحوة البطلة على نفسها بعد أن شبعت من التمثيل ..وملّت تكرار الدور ..فتقول لحبيبها جملتها التي حملت عنوان الرواية : أذني ليست معك ..مهما تكلمت بهدوء أو بعصبية ..فصوتك يضيع وسط ضجيج الغرباء و ضجيج السكارى ..وضجيج الباحثات عن اللذة للذة فقط ..أنا ذاهبة يا حبيبي فلا تنظر خلفك لأنني سأختفي في الزحام وأعود إلى قصور عائلتي ..لكنني أعدك كلّما سقط حذائي في الوحل سأتذكر أن هناك رجلاً في حياتي اسمه (سامورا) ..!!
لا أدعوكم لقراءة الرواية ..لأنكم ستتعبون جداً ولن تجدوها ..ولكنني أدعوكم لقراءة أنفسكم ليعيش كلٌّ منكم في واقعه ويحاول التطوير من هناك إن استطاع ..!

kamelnsirat@yahoo.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى