راكبو الأمواج / أحمد المثاني

راكبو الأمواج
بعد كل حدث ، و بعد أن تقع الواقعة .. يستل المتفيقهون ، و العاطلون عن العمل ، و المشتغلون بشؤون خلق الله ، و كذا هواة التنظير و التحليل و الذين خذلتهم الأيام أن يصبحوا عباقرة هذا الزمان ، و فلاسفة هذا العصر و الأوان — يستلون أقلامهم و يرفعون عقيرتهم ، ليمارسوا النقد و التحليل و وضع الفرضيات ، و الحلول ، و ينصبون منصة العدالة لفلان من الناس أو تلك الفئة ..
كل ذلك ، إما عن جهل أو لإثبات الذات ، بعد أن أتيحت لهم صفحات يسودونها ، و هم مندسون في فراش الدعة و الكسل .. فيظهرون بطولات وهمية .
بعد كل حدث ، تزدحم المنابر بالخطباء و الوعاظ و الناصحون المصلحون .. و المزايدون .. و كل يبكي أو يتباكى على هذا الوطن ، في الوقت الذي نجد الكثيرين منهم ينهش الوطن في أعز مقدراته، و يبيع و يشتري بالولاء و الوفاء ، بحسب مصلحته
إن من يسمع شعاراتنا و ينظر إلى واقعنا ، يجد كم لدينا ” فائض” من الكلام و اللغو .. و لو أخذت من الأمثلة ما تراه في مدننا من النفايات و الأوساخ . و كلنا نردد النظافة من الايمان ، و لو راقبت كيف نعتدي على المال العام و الملكية العامة ، من الشارع إلى الساحات و الحدائق ، لعرفت كم نحن أنانيون ، و لو اقمنا الاحتفالات و نظمنا القصائد .. هناك مسافة مازالت بين القول و الفعل ..بين الإدعاء .. و الواقع . ألا تشعر أننا نعيش في عالم مثالي ، و في مدينة أفلاطون في ما نقرأه ، و ما نسمعه .. حتى أن صفحات الفيس تشعرك كما لو أننا نعيش بأخلاق الأنبياء ، أو بصفات الملائكة .. و إذا ما نزلت إلى الواقع المعاش ، في حياة الناس .. ستجد أننا مدعو ثقافة و مدعو وطنية و مدعو تدين .. إلا القليل .
بعد كل حدث ، يركب البعض الموجة .. و يعلو الضجيج ..!!
فيا أيها الناس : قليل من الكلام… كثير من العمل …
أحمد المثاني

اظهر المزيد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى