مرصد أكيد: تسييس تقاعد الامراء.. تقرير لمدونة (مجهولة) تبرزه وسائل إعلام مغمورة

سواليف

شكلت مادة إخبارية نشرت على مدونة غير موثقة تدعى السورة (ٍal-sura) ناطقة باللغة الانجليزية بتاريخ 29 كانون الاول 2017 تحت عنوان “ملك الأردن يعتقل اشقاءه وابن عمه …”، مصدرا رئيسا لمواقع إخبارية معظمها ناطقة باللغة الانجليزية، دون التأكد من المعلومات الواردة في تقرير المدونة او اجراء الحد الادني من اجراءات التحقق.

ويحاول تقرير “السورة” المنسوب لمكتب التحرير فيها (news desk) ولم يحمل أسم كاتب التقرير في المدونة التي تعرف عن نفسها بانها مساحة مفتوحة للكتابة من مجموعة من المدونين ، تفسير قرار احالة الأمراء فيصل بن الحسين وعلي بن الحسين وطلال بن محمد الى التقاعد من القوات المسلحة الاردنية، بالخلط بين المعلومات والتحليل دون وجود أي مصدر واضح، وانما الاكتفاء بتفسير نفاه الديوان الملكي الهاشمي في بيان أصدره السبت 30 كانون الاول 2017.

وحذَّر الديوان الملكي من نشر “شائعات وادعاءات وأكاذيب” تسيء إلى الأمراء فيصل بن الحسين، وعلي بن الحسين، وطلال بن محمد، متوعداً من يفعل ذلك بالملاحقة القانونية. وقال الديوان “تناقلت بعض المواقع الإلكترونية وشبكات التواصل الاجتماعي شائعات وادعاءات باطلة، ملفقة ومغرضة، تشيع أكاذيب تسيء إلى أصحاب السموالامراء) مؤكدا ان هذه الادعاءات “لن تمس الوحدة الوطنية، والعلاقة المتينة الراسخة بين أبناء الشعب الأردني والعائلة الهاشمية”

.وتعرّف “السورة” عن نفسها بانها منصة أو مدونة مستقلة للصحفيين المواطنين، والناشطين في وسائل التواصل الاجتماعي، ومحللين مستقلين يركزون على العراق والشرق الأوسط. ومعنى السورة في القاموس اللغوي العربي البينة او العلامة او المنزلة الرفيعة وسميت مجموعة الآيات القرآنية بالسورة .

ولا يتضمن موقع المدونة الرئيس أو حسابها على “تويتر” (11835 متابعا) و “يوتيوب” (8158 متابعا) أي عنوان أو مكان تواجدها، كما لم يظهر البحث عبر شبكة الانترنت معلومات عن موقعها، ما يؤشر الى أنها مدونة شخصية غير خاضعة لاي معيار مهني.

ورغم أن المدونة تشير الى أنها تعمل منذ 2015، الا ان عمليات التتتبع التي اجراها ” أكيد ” بينت ان المدونة مسجلة بتاريخ 27 ايلول 2017 كما ان أن أقدم تقرير منشور فيها يعود الى العاشر من تشرين الأول من عام 2017 ، وعند محاولة ” أكيد ” التأكد من هوية مالك المدونة تبين ان الموقع عمد الى اخفاء هذه المعلومة وتتيح مواقع الاستضافة اخفاء معلومات الملكية في حال دفع مبالغ اكثر .

ولا تحتوي المدونة الا على 32 مادة اخبارية وتحليلية ؛ منها 27 تقريرا منشورا في زاوية “الشرق الأوسط” ، لا يوجد أية مواد في زاوية “الرأي” وزاوية “الوسائط المتعددة” في المدونة ، وفي زاوية “الثقافة” تقرير واحد فقط، وفي زاوية “التحليل” أربعة تقارير فقط، علما بان جميع التقارير والتحليلات في المدونة تظهر بدون اسماء ، فقط باسم “ديسك التحرير” وهو ما يتناقض مع تعريفها لنفسها بانها منصة مفتوحة للصحافيين المواطنيين والناشطين .

وتبين من التقارير المنشورة في وسائل إعلام عالمية بانها اعتمدت في معلوماتها وأخبارها حول القرار الأردني باحالة الامراء الثلاثة الى التقاعد من القوات المسلحة، على ما ورد في تقرير مدونة “السورة” نصا، فيما وعملت مواقع أخرى على التصرف بتلك المعلومات مع نسبها الى ذات المدونة. اي تسييس المحتوى الإعلامي ويقصد بالتسييس محاولة التلاعب بالمعلومات او المحتوى الإعلامي لاعراض سياسية قد تكون واضحة او غامضة تخدم اغراض جهة في الاعلب تكون غامضة او غير مصرح بها .

ملاحظتان اساسيتان في هذه التغطية، الملاحظة الاولى ان وسائل الإعلام المهنية التي لديها تاريخ من الاحتراف والمصداقية سواء على المستوى العالمي او الاقليمي لم تنشر هذا المادة بل من عمدت الى النشر بالاعتماد على مدونة ( السورة ) معظمها مواقع اخبارية مغمورة الملاحظة الثانية ان المواقع الالكترونية التي نقلت عن ( السورة ) تقسم في الاعلب الى قسمين اما مواقع اسرائيلية او محسوبة على اليمين الذي يدين بالولاء لاسرائيل وسبق ان نشر اخبار مزيفة عن الأردن او مواقع اخبارية تدين بالولاء لاحد اطراف التحالفات الاقليمية التي تدور بينها حروب إعلامية منذ زمن .

وفيما يلي أبرز وسائل الاعلام والمواقع الالكترونية الناطقة باللغة الانجليزية التي نقلت أو اعتمدت على تقرير مدونة “السورة” في تعاطيها مع خبر اقالة الامراء الثلاثة من القوات المسلحة الاردنية، علما بان تواريخ نشر جميع التقارير في وسائل الاعلام المختلفة جاءت لاحقة لنشر تقرير مدونة “السورة”،

ورغم عدم موثوقية المدونة في التعاطي مع الأخبار والتقارير الصحفية، كان لافتاً أيضا إرسال خدمة أخبار جوجل (Google News) الخبر الذي نشره موقع السورة إلى العديد من الأجهزة المحمولة خصوصاً تلك التي تعمل على نظام تشغيل الأندرويد، كما نشرت خبراً متعلقاً بالموضوع ذاته والمنشور على أحد المواقع الإسرائيلية. وتعتمد خدمة أخبار جوجل على خوارزمية ما تقوم بتجميع الأخبار من مختلف وسائل الإعلام وإتاحتها للمستخدمين، الأمر الذي يطرح السؤال حول مدى مساهمة تلك الخدمة المقدمة في جوجل في نشر الأخبار الخاطئة والمضللة.

وضمن المغالطات التي تحدث عنها تقرير “السورة” ونقلتها وسائل اعلام عالمية ناطقة باللغة الانجليزية، اعتقال الامراء الثلاثة، وهو أمر يمكن التأكد منه بعودة الوسيلة الاعلامية الى مصادر ذات شأن، ناهيك عن تجاهل التقرير لكثير من التفسيرات التي وضعت الاقالات في نصابها بصفتها جزء من عملية اعادة هيكلة القوات المسلحة الأردنية التي أمر به جلالة الملك عبدالله الثاني رئيس أركان القوات المسلحة الاردنية الفريق الركن محمود فريحات عند تعيينه في منصبه في تشرين ثاني 2016.

ولا يختلف الأمر في وسائل الإعلام العربية التي نشرت العديد منها تقارير نقلا عن موقع السورة، فيما اعتمدت مواقع لصحف خارجية على ذات المعلومات الواردة في التقرير دون ذكر المصدر،كما نشرت صحف ومواقع أخرى تقاريرها نقلا عن صحيفة العرب تايمز التي اعتمدت بدورها على معلومات مدونة “السورة”.ومنذ إعلان الرئيس الاميركي دونالد ترمب القدس عاصمة لدولة الاحتلال الاسرائيلي ونقل السفارة الاميركية الى القدس، نشرت وسائل اعلام مختلفة أخبارا وتقارير مختلقة تتحدث عن خلافات اردنية عربية على خلفية التحرك الاردني المناويء لقرار ترمب، ووثقها “أكيد” في تقرير سابق له .

وكان مصدر رسمي أردني رفيع المستوى أكد في تصريحات صحفية أن قرار الملك عبد الله الثاني ابن الحسين ، بإحالة ثلاثة أمراء من الخدمة العسكرية إلى التقاعد هو ‘أمر طبيعي’. وأن ‘الأمراء الثلاثة تسلسلوا في رتبهم العسكرية كغيرهم من أبناء الوطن إلى أن وصلوا إلى أعلى الرتب’.

ولفت المصدر ‘الأردن تربطها علاقات مميزة بالدول العربية والصديقة ، ولكن هناك جهات مغمورة (لم يسمها) تحاول أن تُسيس الموضوع’. واختتم المصدر حديثه بالقول ‘الإعلام أصبح وسيلة للنيل من الدول ومواقفها، وموقف الأردن مؤخراً كان متقدماً بالعديد من الملفات ، وخاصة بشأن القدس في القمة الإسلامية باسطنبول.ويرى “أكيد” أن اعتماد وسائل اعلام أجنبية وعربية على تقارير تنشر في مدونات غير موثقة، ممارسات غير مهنية تدخل في باب التهويل والترويج للاشاعات في ظل عدم وضوح مصادر المعلومات في سياق التغطيات الصحفية.

المصدر: مرصد أكيد

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى