الوضع مُرعب / جروان المعاني

الوضع مُرعب
اختار لويس السادس عشر ملك فرنسا وزيرا للمالية رجلاً اسمه (طورجو) وكانت فرنسا تمر بمرحلة صعبة اقتصاديا، فبادر وزير المالية بمجموعة مطالب كي يوافق على تولي أمور المال الفرنسي ومنها، لا زيادة في الضرائب بسبب حالة الشعب، ولا قروض، ولتحقيق ذلك يوجد طريقة واحدة وهي خفض الإنفاق عن الإيراد بقدر يكفي ضمان وفر مالي يخصص لسداد الديون القديمة ( وبغير هذا ستدفع أول طلقة نار بالدولة إلى هاوية الإفلاس) وهو ما تم فعلا بعد تآمر كبار التجار وعدد من الوزراء بمساعدة ماري انطوانيت زوجة لويس فأقيل طورجو وكانت الضربة القاضية التي دفعت الشارع الفرنسي للثورة حين تم رفع سعر الخبز فاندلعت حوادث الشغب حتى وصلت باريس .!
في فن الحياة ليس بالضرورة أن تربح شيئا لكن على الأقل لا تخسر كل ما لديك، و هناك ما يسمى فن الممكن والذي يقوم على أساس الاستفادة مما هو متاح وعدم الركون للمأمول، إنجز ضمن المتاح حيث لا مكان للمثالية في الحياة، وفي دولة كالأردن تعترضها مديونية أثقلت كاهلها وفساد استشرى حتى صار الجميع يسعى ليكون فاسداً ليهرب من شبح الفقر، وحتى تفنن الموظف في سرقة المواطن بعدما رأى أن من هو أعلى منه يسرقه، والمواطن الذي يرى أن فاتورة الكهرباء والماء تأكل ما يقرب من خمس أو ربع راتبه، في حين أن علية القوم بنو مزارع وقصور وسرقوا كل ما هو متاح لهم فبرر كل مواطن لنفسه أن يكون فاسداً ويسرق ما يستطيع .
أنا لستُ سياسياً ولا صاحب نظريات اقتصادية لكني مواطن وأعيش بين الناس أرى واسمع، وأدرك (إن الغليان كبير) وبعيدا عن قانون الجرائم الالكترونية وفضائح الدولة بالتغاضي عن كبار الفاسدين حتى أن دائرة مكافحة الفساد تخلت عن مسؤوليتها لأنها تدرك ألا حيلة لها على النافذين، فإني أحذر من مغبة الاقتراب من رغيف الخبز والذي ربما لا تنشب بسببه ثورة شعبية بشكل مباشر لكنه مسمار كبير يُدق في نعش (الحكومة) وعلى الحكومة أن تبحث عن وسائل خفض الإنفاق وتوفير 60 مليون دينار وهو حجم دعم الطحين والذي يشك الناس أصلا في انه مدعوم.
لماذا لا تدعم الحكومة الفلاحين ليزرعوا القمح والعدس؟ لماذا لا تسعى الحكومة لتحصيل الضرائب من كبار التجار وأصحاب المعالي الذين لا تخفى مشاريعهم الكبرى خاصة القدماء منهم؟ لماذا لا تطلب الحكومة من أصحاب المليارات أن يدعموا الخزينة بمبلغ تافه لدعم الطحين حتى لا تمد يدها لجيوب الفقراء؟ لماذا وألف لماذا تتبادر لأذهان الناس، وكلها ترسلنا لنقطة واحدة هناك غاية من اثنتين إما أنهم يريدون للمواطن الذل، وإما أنهم يريدون أن تخرب البلد .!؟
ألا ترى الحكومة أن عشرات المحلات أغلقت أبوابها وأعلنت إفلاسها، لأنه لا مال لدى المواطن ليشتري، لو كنت مكانها لصرفت راتبا إضافيا لتحريك السوق وتنشيط عمليات البيع والشراء.!
لا أرى سبباً يدفع الحكومة لنشر الرعب في قلوب الأردنيين، ولا أجد مبرراً يدفعني وأمثالي للخوف من القوانين فحين تصل الأمور لما فوق الخطوط الحمراء وتكاد النيران تشب على الجميع التحرك باتجاه منع نشوبها وإلا كنا جميعاً شركاء في الخراب، فيا ربي سلم .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى