” ثقب إبرة ” / فراس المخادمة

” ثقب إبرة “…
فراس المخادمة

شتان ما بين الأمل والفشل ، فهما نقيضان كما السلبية والايجابية ، فالحياة بطبيعتها وظروفها المختلفة قد تدفعنا للنزوح إما للسلبية أو للايجابية اعتماداً على ما نشأنا عليه منذ الصغر وما يفرضه علينا المجتمع ويظهره السلوك.
تعتبر الإيجابية منهجا من مناهج الحياة وطريقة للوصول إلى الهدف وإيصال الرسالة مع مواجهة للتحديات الموجودة القائمة دون تقاذف التهم. والحياة أيضاً التي نعيشها تفرض على إنسان اليوم واقعاً يشعره بأنه لا يستطيع أن يغير الكثير، مما يجعله ضحية سهلة للتشاؤم، ولا فكاك من ذلك إلا بتغيير نمطية حياة الإنسان وحديثه لنفسه؛ لذلك عندما نرى شخصاً محبطا، للأسف ، لا يأخذ هذا الشخص الكلمات بجدية لأنه لا يفهم ما الذي تعنيه بالضبط، أو بمعنى آخر لا يراها عبارات فعالة ومجدية.
غالباً يتعجب الأشخاص ويتساءلون ما هو السبيل لاعتناق مبدأ الإيجابية وتطبيقه في كافة تفاصيل حياتهم وأثناء تفكيرهم أو تصرفهم في أمر ما، وخاصة في حالات عدم السعادة أو الرضا عن الأحوال التي تحيط بهم ، أو عندما تضيق بهم ظروف الحياة وتصبح صعبة وقاسية، بل ويجدون صعوبة في تحقيق الإيجابية عندما يكون السلام النفسي سائداً ولا يوجد ما يؤرقهم. ففي دروب الحياة ونحن نحاول تحقيق النجاح نتعرض لعدة مواقف ، التي قد تكون إما حجارا نتعثر بها، أو أحجارا ترفعنا إلى فوق، الأمر ببساطة خاص بالصورة الذهنية والانطباع العام الذي كونه المرء منا عن نفسه، خلال سنوات عمره الطوال، وعن مخزون الكلمات والأفعال التي تعرض لها.
خذ عندك مثلا طفلا يخرج من بيت يؤمن بأحقية الطفل في التجربة والخطأ، ويرى أن أكبر ميزة يمكن تقديمها للطفل هي منحه الفرصة تلو الأخرى في سبيل التعبير عن نفسه، واكتشاف مواهبه. الطفل هنا لايسمع سوى كلمة التشجيع، والحث الدائم على فعل الشيء الجيد، دون التعرض لشخصيته ولا بنائه النفسي أو الفكري بأي سوء. يختلف الأمر يقينا بين هذا الطفل، وآخر تربى على أن الخطأ لا يمر دون عقاب، وهو يرى أن الطريق الآمن هو الطريق الذي سلكه من قبله، وبالتالي يكفيه دائماً العيش على هامش الحياة!
معظمنا إذا ما واجهنا تحد ولم نستطع تخطيه، لا نوجه إصبع الاتهام نحو الهمة والإرادة، وإنما نلقي ب تبعة هذا على قدراتنا وإمكاناتنا. نتهم النفس بأنها لم تولد لتكون عظيمة، لم تخلق لحمل رسالة، لم يودعها الخالق أي إمكانات مميزة، فلا هي بحضور الداعية المشهور، ولا ب فصاحة السياسي المحنك، ولا تمتلك تخطيط وتنظيم القادة والرواد، وهذه الحجج في الغالب ليست صحيحة، والقدرات في معظم الأحيان بريئة، وإنما الأمر يتعلق بالإرادة والهمة والحماسة.
الشخصية الإيجابية لا تركن إلى الاستسلام بحجة عدم القدرة وإنما تواجه نفسها دائما، وتوقظ الهمة إذا ما وجدت لديها ميلا للكسل والدعة، تخبرك عند الفشل بأنها قصرت بأداء المطلوب، وأنها ستهتم بتدارك الأخطاء لاحقاً.
فلا يمكن أن يكون الغد أفضل وتفكيرك مشغول بالماضي، كن إيجابياً في رؤيتك للحاضر والمستقبل، تستطيع تغيير كل أخطاء الماضي ومشكلاته.
ف رسالتك تحتاج للنصر، والتعهد المستمر ب المضي قدماً بلا تردد ، رحم الله من قال يوماً : ” بأن الأيادي المرتعشة، لا تقدر على البناء ” . فاصنع الايجابية وتمسك بالأمل وإن كان بحجم ثقب إبرة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى