سولافة عيد الشكر الأميركي

سولافة عيد الشكر الأميركي / #يوسف #غيشان

عام 1620 وصل بعض الإنكليز إلى مدينة بليموث في ولاية ماساتشوستس، وبعد رحلة طويلة، وبسبب قلة خبرة المهاجرين في الزراعة والطقس البارد توفي البعض منهم.
وبعد شهور تدخّل أحد الهنود، وكان رئيس قبيلة مسيطرة في المدينة، فتقرّب من المهاجرين الإنكليز لإنقاذهم من المعاناة والخسائر التي تواجههم، فعلمهم طريقة صيد الديك الرومي، الذي كان متوفرا في الأنحاء بكثرة.
ومن ذلك الوقت والمستوطنون في امريكا يحتفلون بهذا العيد، في الخميس الرابع من هذا الشهر، عن طرق طبخ الديك الرومي الذي أنقذهم من المجاعة والموت، بسبب طيبة رئيس القبيلة الذي علمهم الصيد.
يعني …أن مستعمرين قادمين من الغرب منحوا أنفسهم حق طرد الشعب الأمريكي الأصلي وحلوا محله بكل وقار وسؤدد، وهم يحتفلون بهذا الاحتلال سنويا في عيد الشكر هذا، فهم مستوطنون مستعمرون وهذا وجه التطابق بينهم وبين الصهيونية، فلا داعي لاتهامهم بالكيل بمكيالين، لكأنهم يشتغلون عتّالين على باب بابور الطحين اللي بحارتنا.
الصليبيون الذين غزوا الشرق في القرن الحادي عشر وما تلاه من قرون، تجاوزوا رسالة المحبة المسيحية ، و(من ضربك على خدك الأيسر فأدر له الأيمن)، واعتبروا القتال ضد (السراسنة) – كما كانوا يسموننا- رسالة سماوية وهدفا دينيا يبتغي مرضاة الله، ولم ينسوا قبل وصولهم إلينا في الحملة الأولى ان ينهبوا (القسطنطينية ) مهد المسيحية الشرقية القويمة، لا بل ان إحدى الحملات الصليبية (الرابعة) تناست دورها في تحرير بين المقدس كما كانوا يدعون، وقامت بغزو القسطنطينية وذبح الالاف من سكانها ثم اسقطت إمبراطور بيزنطة الفعلي، ووضعوا مكانه واحدا من جماعتهم.
نعود للكيل بمكيالين، فهذا وضع طبيعي نقوم به نحن ايضا، ولا يمكن اعتبارها تهمة، الا في نظر الذين ينظرون للأمور بشكل مسطح، أو للفلاسفة الأخلاقيين الذين ينسون بشاعة الواقع ويركزون على متانة المنطق الصوري داخل النظرية الأخلاقية التي يعتنقونها.
لا أطالب أحدا منكم أن يكون موضوعيا، أنا شخصيا لا استطيع أن أكون كذلك، لكنني (أطالبنا) بأن نعترف بلا موضوعيّتنا، لعلنا نفهم العالم أكثر، والأهم، أن نفهم أنفسنا أكثر. حتى نشتبك مع الواقع بشكل حقيقي، وليس تحت شعارات جوفاء وكليشيهات تافهة مثل قصة الكيل بمكيالين.
وتلولحي يا دالية

مقالات ذات صلة
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى