سمو التصور الاسلامي

سمو التصور الاسلامي

د.عبدالله البركات

الايمان بخالق فوق هذا الكون وفوق كل المحسوس يمثل مرحلة فكرية متقدمة مرت البشرية قبلها بمراحل عديدة متدرجة في المنطق وبعد النظر.

فأدنى تلك المراحل مرحلة عدم ادراك الانسان انه مخلوق وعدم الاعتقاد بخالق، بل عدم القدرة على تصور ذلك.

مقالات ذات صلة

ثم تنامى فكر الانسان فأعتقد ان سبب وجودة هو الطعام وان فقدانه هو الموت، فعبد ما يأكل. وقد قيل ان قبيلة عربية اسمها حليمة صنعت صنماً من تمر، ولما جاعت أكلته.

وتندر العرب بها بمثل مشهور هو قولهم (أكلت حليمة ربها.) وأدرك اخرون من البشر ان سبب وجودهم هو آباءهم وأجدادهم فعبدوهم وأقاموا لهم الطقوس.

وَعَبَد اخرون على نفس الشاكلة الفروج كونها مصدر والولادة وبذلك تكون عندهم هي مصدر الحياة.

الا ان اخرون ارتفعوا بأبصارهم الى السماء فوجدوا ان الشمس أحق بأن تكون مصدر الحياة. وهذه تعتبر مرحلة متقدمة للتفكر في الخلق. فقد لاحظوا ان الشمس هي مصدر الطاقة والضوء والجمال وفوق ذلك هي اكبر جرم في السماء كما بدا الامر لهم.

وسواء كان اول من عبد الشمس هم سكان المناطق الباردة ام سكان المناطق الحارة فقد ادرك الأولون ان الدفئ هو سبب الحياة والنماء وأدرك الاخرون اي سكان المناطق الحارة ان الشمس هي سبب الموت عطشاً وحرقاً فعبدها الاولون حباً لها والاخرون خوفاً منها. لم تكن باقي الاجرام السماوية تعني شيئا فهي من الصغر بحيث انها لا تعدوا عندهم اكثر من شذرات تناثرت من الشمس العظيمة.

وربما شغل بعضهم كوكب الزهرة وهي أسطع الكواكب ولكن ذلك لن يصمد لمنافسة القمر وبالنتيجة تلاشي الجميع عند حضور الشمس البهي. ولذلك قال الشاعر
فإنك شمس والملوك كواكب. اذا طلعت لم يبقَ منهن كوكب.
كانت عبادة الشمس اسمى ما يمكن للعقل البشري ان يتصور. وكان لا بد أن يسطع شعاع خارج قدرات البشر. فكانت النبوات والرسالات السماوبة . وهي وان كانت قد نقلت التصور الانساني الى فضاءات أرحب ،فهي لم تقضِ على التصورات الاخرى. فلم تستطع بعض العقول ان تتجاوز المحسوس، فانكروا ان يكون هناك ما هو اكبر من كل ما خبروه.
وحتى بعد عصر تقدم الفلك واكتشاف نجوم ومجرات لا تمثل الشمس بالنسبة اليها اكثر من ذرة فإن ذلك العلم الذي اثبت سمو التصور الديني في اليهودية الحقة والنصرانية الحقة والاسلام الحق اقول ان علم الفلك المذهل الذي تجاوزته النبوات الثلاث مازال يحجب عن الملحد الحقيقة الكبرى بوجود الخالق الذي هو فوق كل كل يقع تحت الحواس. صحيح ان الملحد لا يعبد الشمس ولكنه في الحقيقة يعبد الكون ويعتبره اخر ما يمكن ان يتصوره. و

هو بذلك لا يختلف عن عباد الشمس الا كما يختلف عباد الشمس عن عباد القمر او الزهرة او الفروج.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى