والله ما كان هذا الوطن عقيماً في يوم من الأيام ولا عجز عن رفد دول العالم بعقول تنير ظلامها ،لكن المشكلة بمن يغريه أي شيء خارج حدوده بحثاً عن منفعة قصيرة النفس أو ربح يتحول بين عشية وضحاها إلى خسارة ،ولم يفكر لحظة أن يلتفت داخل حدوده ويستثمر بعقول أبناءه ، ولو نفعل ذلك لكُفينا مذلة “النفط” وتبعية “الاقتراض” !
عقب فوزه بالمركز الأول ببرنامج نجوم العلوم بابتكاره جهاز لتطوير دقة وسرعة الفحوصات الجينية لمرضى السرطان، صرح العالم والباحث الأردني سديم قديسات لوسائل الإعلام أكثر من مرة،لكني أقتبس من تصريحاته قوله : “ما يبعث على الفخر حقيقة هو أن كل من سيستفيد من اختراعي عبر العالم سيبقى يقول إن طبيبا أردنيا كان وراءه” !
تخيلوا أن كل ما يهم سديم قديسات في الفوز أن الذكر الخالد سيبقى للأردن ،وهو الذي كان في وطنه “نسياً منسيا” ولولا برنامج نجوم العلوم لما عرفه أحد !
يا الله يا سديم ما أغلى هذا الوطن ! نعيش فيه كالغرباء ونذوق مرارة الظلم ووجع التهميش، لكننا في لحظة فوز نهمش الأشياء كلها ونظلم الأشياء كلها فنتذكره وننصفه !
ما أغلى هذا الوطن يا سديم !
أحياناً تجبرنا العقول المتحجرة والوجوه التي احتكرته على أن “نطفش” منه، وتدفعنا السياسات البالية لأن نرسب في رحابه ،لكننا حين نخرج منه فننجح نلتصق به أكثر ونعتبر “أردنيتنا” مفتاح النجاح !
ما أغلى هذا الوطن يا سديم !
لأن الحب قدرنا الوحيد معه يظل “العتب” و “عدم الرضا” لغتنا في مخاطبته .. لكنه في رمشة عين يجعلنا نغفر ونرضى كأننا لم نعتب يوماً..ويحدث هذا لأنه ينجب “أمثالك” !