كَثُر الخزاقون للمواطن الاردني !! / د. محمد يوسف المومني

كَثُر الخزاقون للمواطن الاردني !!
الخازوق هو أبشع وأشنع أداة تعذيب في تاريخ البشرية ، وهو كالرمح أو العصى برأس مدبب ، ويستهدف إختراق جسد الإنسان من الأسفل إلى الأعلى، خروجاً من كتفه الأيمن, ليموت ببطئ في عذاب قد يستمر لعدة ايام، بحيث لايخترق الأعضاء الحيوية كالقلب والرئيتين .. والجلاد المُتفنن ” يكافيء ” ان يمد أيام العذاب لفترة زمنية أطول، وكانت عقاباً للمجرمين وقطاع الطرق والجواسيس .
في يومنا هذا ” عصر الكمبيوتر ” ظهرت خوازيق عصرية مؤلمة ومحببة في نفس الوقت ! وقد تصل مدة عذابها إلي شهور أو سنوات، أو لطول الدهر، و متوفرة حالياً بأشكال وطرق وأساليب مختلفة حسب طلب وهوى كل شخص، وكلها تتفق في خلق الألم بالضحية ” المتخوزق ”، وللمدة التي يرغب بها أو لم يرغب .
تختلف خوازيق عصرنا عن سابقتها بشئ واحد، وهو إن المتخوزق والجلاد حالياً هو الشخص نفسه … والغريب إن المتخوزق هو من يضع نفسه على الخازوق مراراً وبرضاه، وأمام مرآى الناس، ومع ذلك يستأنس بالألم ويأنس به ! وحتى لو تأثر يوماً بالنزف والوجع لحافة الموت، سيعود يوماً آخر وهو بكامل قواه العقلية والجسدية ليقف على الخازوق العصري مرة اخرى.
ساضرب مثالا عن الخازوق العصري… هناك عدة أنواع من الخوازيق الأجتماعية، ومنها خازوق العظمة، إذ يقضي الشخص ” المتخوزق ” على نفسه، ويصبح منبوذاً من عائلته ومجتمعه، لأنه عظيم ولايخطئ، مع إنه يتلقى عدة تحذيرات وصفعات ممن حوله، بإنه سيتألم لو وقف على خازوقه، لكن لايتعظ، ويعيد الكرة ويقف على نفس الخازوق .
المشكلة مع خوازيق عصرنا، إنها تكيّفت العيش معنا، والعكس صحيح، وأصبحت جزءاً من عالمنا وحياتنا، وأنا هنا أقصد البعض، وليس الكل، ولايمكن لبعض المتخوزقين العيش بدونها، ولو وضعته بعزلة في جزيرة, سيصنع لنفسه خازوقاً من لاشئ !
الحقيقة التي تُخجل حتى الشيطان، كما قال أرسطو، إن الحيوان عادة يتعلم من أول خازوق يخزقه، كالحمار مثلاً، فإن وقع في حفرة في طريقه، ستجده يتحاشاها بالمرة الثانية، حتى لو أغلقت عينيه .. أما المواطن مع الأسف، لايرده أي خازوق، ولايتعلم من الخوازيق السابقة، ولا من خوازيق خزقت غيره، وخلاصة القول : السعيد من اتعظ بغيره والشقي من اعتبر بنفسه .
كثر الخزاقون للمواطن الاردني , حيث تفننوا في طرق واساليب اعطاءه للاردنيين, فمن الخازوق الاقتصادي الى الخازوق الاجتماعي الى الخازوق السياسي, فجميعها مترابطة مع بعضها البعض, فحين بدأت الازمة الاقتصاديه العالمية… اخرج الاردنيين جيوبهم معلنيين الافلاس, وعمت البطالة وكثرت نظريات ابعاد عيون الحسد والحساد عن ذوي اصحاب رؤوس الاموال… خرج الاردنيين… فمنهم من استلقى من الهم, وحمل على عاتقه السير جنب الحيط, واخذ يردد من تزوج امي بصير عمي, واخرين رددوا اليد الي ما تقدر عليها بوسها.. وادعي عليها بالكسر, ومنهم من قال .. الباب الي يجي منه الريح سده واستريح… فاصبحت هذه ثقافة المجتمع الاردني والمواطن المتخوزق.
حزمة اخبار تبشرنا بتردي اوضاعنا الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والمائية, تتناثر مع مرور الايام بانتظار التغيرات التي ستحدث على الساحة الاردنية من جراء صفقة القرن , وبروز الحكومات ذو الجنسية المزدوجة , ونية الحكومة رفع الدعم عن الكثير من المواد الاستهلاكية, هذا بالاضافة الى الاوضاع الغير مستقره على حدودنا ومن جميع الجهات, يخرج علينا مجموعة من باعة الخوازيق لتوزيعها على الشعب مجانا, فهذه الاوضاع تُذكّرني بحكاية المسجون السياسي في أحد السجون العربية، الذي كان يخضع لتعذيب رهيب، انتهى بوضعه على خازوق في زنزانة التعذيب، التي احتوت على العديد من الخوازيق المختلفة الأحجام, فقد فوجئ السجّان أن السجين يطلب نقله من الخازوق الصغير الذي وضعوه فوقه إلى خازوق أكبر! فلمّا سأله جلاده عن السبب في طلبه الغريب؟ أجابه: بأنه يريد أن يرتاح قليلاً في المسافة التي يستغرقها نقله من خازوق.. إلى خازوق، حتى ولو كان الخازوق الجديد أكبر حجمًا!

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى