أنثى افتراضية / ريم محمد العفيف

أنثى افتراضية
أجرت سواليف حوارا مع الدكتور الكاتب والأديب فادي المواج مع اقتراب موعد صدور رواية أنثى افتراضية التي تلامس جزءا كبيرا من العالم الذي نعيشه وتناقش طبيعة العلاقات الإفتراضية التي نشأت ك نتيجة لتعدد وسائل التواصل الإجتماعي التي أصبحت في متناول الجميع وما كان لها من أثر عميق في حياة الأفراد.
تتناول رواية أنثى افتراضية أهمية قيمة الحب والوجدان في بناء العلاقات الإنسانية واستدامتها كموضوع أساسي ، بحيث لا ننكفئ في علاقاتنا على الجوانب البيولوجية المتعلقة بغريزة التكاثر والأمومة والأبوة بعيدا عن تغذية الحاجة الروحية في النفس البشرية .النبتة الصغيرة التي تنمو على جنبات الطريق وفي حدائق المنازل لا تكتفي بالماء لتكبر وتنمو وتتمدد أغصانها وتخضر أوراقها، تحتاج إلى أشعة الشمس والهواء، بل إن بعض النباتات تحتاج إلى الموسيقى لتنمو كما أوضح الدكتور الأديب فادي المواج.
وقال الكاتب أن الرواية جاءت لتسلط الضوء على هذا الجانب من خلال توظيف العوالم الحقيقية والعوالم الافتراضية ممثلة بواحدة من أدوات التواصل الاجتماعي ( facebook).
أما عن أحداثها فقد قامت على ما يشبه المفارقة بين قصة زوجة يروي زوجها روحها دون جسدها، وقصة زوجة يروي زوجها جسدها دون روحها، وتبحث كل منهما عن مخرج لأزمتها، وفي الوقت الذي تبحث فيه الأولى عن علاج لزوجها، تقرر فيه الثانية إقامة علاقة روحية مع آخر تحاول من خلالها أن تروي الجانب الروحي فيها. وتتطور الأحداث وتنسج الحبكات وتتأزم ثم تتجه للحل، ففي الحالة الأولى يوشك زوجها أن يطلقها لولا أن الحب القديم يشفع لها، وفي الحالة الثانية تقرر الأنثى إنهاء العلاقة الروحية بعد هزات عاطفية تتعرض لها.
فالرواية هي رواية الوجوه الواقعية والأسماء الافتراضية، ذلك أن لثلاث شخصيات فيها أسماء مستعارة ( عبر الفيسبوك) غير أسمائهم الحقيقية، ولشخصية رابعة وجه حقيقي آخر غير وجهه الحقيقي كأستاذ جامعي، إذ أنه مارس دور عراف متخفيا خلق ذقن مستعار ونظارة.
وعن استخدام الكاتب الرمزية في كتابته أكد على أن الأدب الجيد لا تظهر قيمته ومكانته ولا ملامحه ما لم يواكبه نقد جيد، مقتبسا قول نجيب محفوظ أن ” علاقتي بالنص تنتهي لحظة تسليمه للمطبعة” ، أما وقد سلمت عملي لدار فضاءات للنشر والتوزيع فإن النص أصبح رهن المتلقي الذي يعمل أدواته النقدية من جانب، وأدواته في التلقي والتأويل ليكشف عن المتعاليات النصية وبؤر التوتر ومسافاته، والمسكوت عنه، والمرموز إليه. أما وأنت تسألين مثل هذا السؤال فإنني ببساطة أقول إن أي نص أدبي يحمل بلا شك شيفرات – مقصودة أو غير مقصودة – تحتاج إلى من يفكك هذه الشيفرات ليصل إلى ما ترمز إليه، وفي النهاية النص المتمنع هو نص جدير بالحياة والبقاء.
وفي سؤال للدكتور فادي فيما إذا كانت الرواية من نوع الروايات التي يترك فيها المجال للقارئ الدور في استنتاج النهاية فقال: غالبا ما نركز – نحن البشر- على النهايات، مع أن أجمل الأشياء في بداياتها، فالزهرة أجمل ما تكون وهي تتفتح، والدرب الطويل يبدأ بخطوة، والإنسان أجمل ما يكون وأنقى ما يكون طفلا. أما عن نهاية الرواية فجاءت النهاية واضحة وليست مفتوحة، لكن القارئ يستطيع أن يقرر في ضوء القراءة ما إذا كانت النهاية متوقعة أم غير متوقعة.
وأشار المواج إلى ان الرواية ركزت على قيمة الحب ك موضوع للرواية، وحيث يرى أن نسبة كبيرة إن لم تكن النسبة الكبرى من المشكلات العائلية او الخلافات الزوجية باعثها إغفال جانب على حساب جانب بشكل عام، أو إغفال الجانب الروحي والوجداني بشكل خاص. وتناقش الرواية من خلال فضائها الافتراضي سلوكات العامة عبر ادوات الاعلام الاجتماعي، من وجبات بلا رائحة، مرورا بزهور بلا عطر، إلى فقدان كلمة ( إعجاب) لدلالتها المعجمية وتحولها إلى دلالات أخرى فرضتها طبيعة هذا العالم الافتراضي، وغير ذلك من مسائل اجتماعية في الفضاء الحقيقي تتعلق بالأوهام الاجتماعية وبعض العادات السلبية التي يشار إليها في معرض السرد.
وعن مدى تطابق ” أنثى افتراضية ” مع مواصفات الرواية العالمية أوضح الكاتب أن الكتابة لحظة تعرية للروح وتفريغ للعقل الباطن بما يختزنه من مواقف ورؤى وملاحظات وأحيانا تجارب، فهي لحظة انعتاق، وما يميز جنسا ادبيا عن آخر هو مجموعة العناصر المكونة للنسق العام للنص، ولذلك أرى أن هذا الجانب يتعلق بدور المتلقي قارئا أو ناقداً.
وعن مدى شرعية الرواية في مجتمعنا قال الأديب المواج أن العمل الأدبي – يستمد شرعيته من قدرته على إيجاد الخيط الذي يربط المتلقي به، من خلال تحقق شروط نصيّة النص من جانب، وتوظيف عناصر الجنس الأدبي ببراعة، مؤكدا إن الرواية تناولت – فيما تناولته – جانبا يكاد يكون مسكوتا عنه، لكنها تناولته بصورة منطقية قادت إلى النهايات الطبيعية لمثل تلك العلاقات التي تحتضنها الصناديق الكسيرة الصفراء في حساباتنا الافتراضية، كما لو كانت صناديق سوداء في طائرات مع اختلاف اللون.
وفي سؤال للكاتب فيما إذا كان دور للرواي في الرواية يتحدث على لسان الكاتب أكد الكاتب على أن الأديب يحمل رسالة، وأي عمل يفقد القصدية يفقد شيئا من شروط نصيّة النص التي حددها روبرت دي بوغراند، ولذلك، تحمل الرواية بين طياتها ما يشير إلى زاوية رؤية الكاتب أو الروائي. وعندما يعرض روائي لقصة أنثى تبني علاقة مع غريب غير زوجها لري روحها، ويطور الأحداث لتنتهي بإصرار الأنثى على الخروج من هذه الدائرة، دائرة العلاقات المرفوضة، فإنه يلمح إلى وجهة نظره في النهاية.
وقال المواج في الرواية تعالقات مع أحداث معينة تاريخية تتعلق بموضوعات الرواية ذاتها، لكنها ليست تأريخية، وإنما أشبه بتناص مع أقوال وأشعار ومجريات كتلك العلاقات التي جمعت غادة السمان بغسان كنفاني، ومي زيادة بجبران خليل جبران، وغيرها في رده على سؤال فيما إذا كانت الرواية تؤرخ لبعض الأحداث التاريخية.

يذكر أن الدكتور والكاتب فادي المواج أصدر مجموعة قصصية عام 2009 بعنوان ” دموع متأخرة” وكتاب بعنوان ” الرفض في شعر المتنبي “، وكتاب بعنوان ” دليل المعلم إلى النشاط الثقافي” وان رواية ” أنثى افتراضية ” هي بكر أعماله الروائية.

اظهر المزيد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى