حكايا الزيت والزعتر / محمود الشمايلة

حكايا الزيت والزعتر
هي تضاريس الزمن التي رسمت ملامح وجهها ، سنين الشقاء وتجاعيد عمر من الانتظار والبؤس. تفترش العجوز ام موسى عتبة بيتها بعد أن نشرت الزعتر الاخضر على مقطف القصب ووضعته في مكان مشمس لتجفيفه ، اخرجت الغليون من جيبها ولقمته بالتتن بعد أن اوصلته بانبوب قلم حبر فارغ وراحت تنفق الوقت على وجه الصباح . يطرق شقيقها الاصغر السلام ويعرفها بالشخص الذي يرافقه
قال : يا ام موسى هذا هو النائب زيدان الذي احضر لك صوبة الفوجيكا العام الماضي. رفعت أم موسى رأسها بكثير من الدهشة ، وقالت : بده يوخذ الصوبة ؟! قال : لا . قالت : لماذا جاء اذن ؟! قال: سعادة النائب جاء ليسأل عنك وعن اخبارك .
قالت وهي ترمق النائب الاسبق زيدان بابتسامة صفراء : انا بخير والحمد لله .
بدأ شقيقها بالحديث عن المرشح الذي دس في يدها عشرة دنانير وهو يبتسم قاطعت العجوز شقيقها بغضب فاحش موجهة كلامها لمرشح العشيرة زيدان : الم تشبع يا زيدان ؟!
استغرب زيدان سؤال العجوز وهو ينظر لرفيقه الذي حاول تهدئة العجوز ولكنها اعادت طرق الاسئلة التهكمية .
الم يكن اسمك من ضمن قائمة الذين وافقوا على رفع اسعار الكهرباء ؟!
زيدان : نعم يا ام موسى وافقت لان هذا القرار لن يلحق الضرر بفقراء الوطن ، هو فقط من اجل اصحاب الاستهلاك الكبير .
العجوز : ماذا عن السلع المخزنة في المحلات التجارية التي ارتفع سعرها بعد رفع الكهرباء ؟!
وماذا عن الالات التي تنتج السلع التي يستهلكها الفقراء ؟!
الم ترتفع اسعارها بفعل الكهرباء ؟! يا زيدان انت غبي وجاهل وتعتقد ان صوبة الفوجكا ستشفع لك عند خلق الله ، ماذا تعرف عن فقرنا وجوعنا وحاجتنا ؟! ماذا تعرف عن سنين الشقاء التي ارتسمت على وجوه المتعبين . هل تعتقد ان صوبة الفوجيكا قادرة على تدفئة صقيع ارواحنا عندما نقف على ابواب التنمية الاجتماعية لنتقاضى رواتب بدل عملنا بصفة ارمله ومطلقة وعاجزة ، ثم ندفعها ثمن للكاز والغاز وبعض ارغفة الخبز؟! يا زيدان هل تعرف طعم شطيرة الزيت والزعتر حين جوع؟!
يا زيدان ملابسك نظيفة ورائحة عطرك جذّابة وحذاءك انيق ولكن كل مساحيق التنظيف التي اخترعها العالم لن تزيل رائحتك النتنة . يا زيدان القي بأوراقك القديمة في حاوية النفايات فلم تعد ارضنا بحجم خطاك لاذت الى بيتها تاركة الورقة النقدية صفعة مؤلمة على وجه زيدان.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى