حب من اول قسط / صهيب عمر طويط

حب من اول قسط

بجمالهم و برائتهم المعهودة يقرأون القرآن الكريم حين رأيتهم ذات مرة،
أولئك الأطفال البسطاء ذوي الأرواح و الأنفس الطاهرة، ياااه ما أجمل القرآن يتلى بصوتهم، الذي تحسبه بلابل مغردة، حين يرددون الآيات بحروف نصفها صحيح و نصفها الآخر ممزوج بنطقهم العمري الجميل، و ما أجمل الحجاب يزين وجوه الفتيات الصغيرات بهذا الحياء الممزوج بالبراءة،
لا اضن أن عاقلا لا يحب مثل هذه المشاهد التي تبعث في القلب أملا بنهضة الأمة، التي راح شبابها ضحية لشهواتهم، و ملذات الدنيا الزائلة، حتى وصلوا إلى درجات محزنة من ضعف الإرادة و قوة البأس، فترى الشاب يُخفق في أول اختبار أخلاقي يواجهه،
حتى إذا بدأت لحيته الشريفه تكتمل، ظن أنه عنترة بن شداد، أو القعقاع بن عمر التميمي ،
فتراه يتفنن في الخروج عن طور أبيه و تجاهل خوف والدته الي كانت من القطط تحميه،
و ما إن يدخل الجامعة في اول يوم والذي هو لاستكمال إجراءات التسجيل، حتى يقع في عشق اول فتاة يراها امامة بجانب شباك دفع الرسوم، فيتحول إلى مجنون ليلى،
هنا عليك أن تعلم بأنه ( ظاع الولد)، فلا تسألني عن أمور الحلاقة و نفقات تصفيف الشعر الذي بات فرضا يوميا و أهم من الظهر، و الملابس الجديدة كل فترة، فهي لن تقبل بأي شاب، و عليك أن تكون في قمة الأناقة كي تحظى بست الحسن و الدلال، التي لا تكترث إليه إلا قليلا بنظرة صغيرة بين الفينة و الاخرى، كي يبقى معلقا بها، فتراه يترقب جميع تحركاتها و مواقعها الاجتماعية، كي يكون على اضطلاع بكامل تفاصيل حياتها -ما تحب و تكره-، لكي يستطيع تلبية ما ترغب هذه الفتاة فيكون هو الفائز بها، و لك أن تعلم في هذا المقام انه ليس الوحيد الذي يركض خلفها، ثم يأتيه الفرج في قبولها طلب المحادثة، بعد أن أتم اول فصل بنجاح باهر و هو (ربع ساعة من أصل خمسة عشر) اي ما يعادل أقل من مادة من أصل خمسة ، و كيف له أن ينجح وهو الذي صب كل تركيزه على الإيقاع بفتاة الاحلام (المززه)، ناسيا بذلك والدة الذي لم ينه بعد دفع رسوم الفصل الماضي و الاستحقاقات الشهرية للبيت، متجاهلا أمة التي تعد له اللقمة الدافئة في كل يوم ليقوى على الدراسة، و أي دراسة !!! (دراسة الإيقاع بالمزز!!!)
ثم يأتي عليه مرحلة شديدة الصعوبة مثل عام النكبة أو أشد وطأة ، و هي أن العشيقة التي ينفق عليها نصف المصروف اليومي، قد جاء شخص يخطبها من أبيها، فيهرع الي ابيه طالبا منه التحرك فورا إلى والد الفتاة طالبا يدها، ناسيا أن والده لم يستطع تأمين مصروفه لليومين القادمين،
اي خطبة هذه و لم تنهي بعد (متطلبات الجامعة إجباري!!!).
لك أن تتخيل حجم الشتائم التي تنهال على رأس الشاب بعد هذا الطلب، و لن أحدثكم عن عدد (الكفوف) و حركات الكاراتيه و جميع الفنون القتالية التي لا يُلام الأب على استعمالها في مثل هذا الموقف!! …ثم بعد ان ترحل تلك حتى يبحث عن غيرها، و كأنه دخل الجامعة في رحلة البحث عن شريك الحياة لا مرحلة بناء الذات!!!، و هكذا حتى يتخرج بشق الانفس، فارغ من داخله لا فكر لديه ولا تلك الشخصية المتزنه التي عنها نبحث، فقلي بالله عليك هل هذا ما نريده لأنفسنا و ابناءنا!!!
ام تلك الطفولة الجميلة المليئة الإيمان و القرب من الله، و التي تؤدي بك الى أعلى الدرجات و ارقى المكانات في الدنيا و الاخرة، ثم ثق تماما انك لن تكبر بعين احد إن لم تكن رجل بكل معنى الكلمة…
فماذا تريد أن تكون … !!

اظهر المزيد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى