من واقعنا وحدثت معي / رائد عبدالرحمن حجازي

من واقعنا وحدثت معي
قبل حوالي 30 عاماً وفي بداية عملي كمدرس لمادة العلوم . أذكر أنه كان درس للصف الخامس عن المجموعات الغذائية وأهميتها للإنسان .وقد كان في نهاية الدرس نشاط يقوم به خمسة من الطلاب بمساعدة المعلم وذلك بعمل لوحة حائطية تتضمن جدول يدون فيه يومياً ما يتناوله الطالب كوجبة فطور على مدار الاسبوع , وعليه تتم مناقشة الطلاب يومياً بالمجموعات الغذائية التي تناولوها .
على ما أذكر لم يتجاوز عدد طلاب الصف السبعة طُلاب لذلك أشركت الجميع كي لا يشعر ممن سيبقيان خارج النشاط بالغُبن .
في اليوم الأول تم تسجيل المواد الغذائية لكل طالب وتراوحت ما بين الجبن ,اللبنة ,البيض ,الزيت ,الزعتر والزيتون . لكن لفت نظري الطالب (س) حيث كانت وجبة فطوره في ذلك اليوم خبز وشاي , وقد قالها على استحياء بالإضافة للخجل الذي كان واضحاً في تقاسيم وجهه . تداركت الموقف فوراً ورحت أقول لباقي الطلاب : يا سلام على هذه الوجبة الرائعة فهي بسيطة ولكنها تحتوي على جميع المجموعات الغذائية , فمن الماء الموجود بالشاي , والكربوهيدرات والبروتين النباتي والفيتامينات الموجودة بالقمح , والأملاح المضافة للعجين تجعل هذه الوجبة من أفضل الوجبات . عندها تفاجأ الطالب (س) وقال لي : معقول يا أستاذ كل هذه المواد موجودة بالخبز والشاي ؟ وتواترت بعدها استفسارات من باقي الطلاب والتي لم تُخفي اندهاشهم من هذه المعلومة .
لم تنتهي حكايتي مع هذا الطالب , ففي اليوم التالي وفي بداية الحصة كان لا بد من تعبئة ما تم تناوله على وجبة الفطور لأتفاجأ أنا هذه المرة بأن جواب الطالب(س) هو نفس جواب الأمس .أي أنه تناول الخبز والشاي ولكن هذه المرة كان يجاوب وبثقة عالية كونه عرف قيمة ما تحتويه هذه الوجبة الدسمة . فضولي في ذلك اليوم دفعني للجلوس مع الطالب (س)على انفراد ورحت استفسر عن وضعه الإجتماعي فقال لي : بأن والده يعمل موظف براتب شهري مقداره 60 دينار أردني , ويعيل والده الطاعن بالسن بالإضافة لزوجته وأربعة من الأطفال . فقلت له : وما قصة الخبز والشاي ؟ فأجابني وقال : أبوي قبل ما يسري على شغله بشتري رغيفين مشروح من المخبز اللي بحد الدار وبركّب إبريق الشاي الكبير على البريموس وبصحينا من النوم مشان نفطر ونيجي عالمدرسة .
عُذراً أيها الأعزاء إلى هنا وللمرة الثانية لم تنتهي حكايتي مع هذا الطالب . ولكني أترك لكم حرية إنهاؤها.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى