الحلقة السابعة من….طراطيش الفساد

وطــــــــــــن نيـــــــــــــوز / خاص وحصري

كتب محرر وطن نيوز لشؤون الفساد …

وعندما رأى عطوفته أن إضافة حرف الدال قبل اسمه سوف يضيف له قيمة إجتماعية هو في أمس الحاجة إليها، فقد قرر بعد التوكل على الله أن يتابع دراساته العليا.

ولأن كبار المستشارين في هذا البلد اعتادوا على الشحدة، فإن توفر المال لديهم لن يثنيهم عن ممارسة هوايتهم المفضلة، فلم يخجل عطوفته أبدا من طرق كل الأبواب والتوسل لكل الجهات التي تدعم الطلاب الفقراء في دراستهم، وبذل قصارى جهده لا في البحث عن موضوع دراسي يضيف إلى عقله بعض المعلومات، بل في العثور على أي جهة حكومية أو مؤسسة غير ربحية تتكفل بمصاريف دراسته، فطرق باب صندوق الطالب الفقير وصندوق الطالب اليتيم ولو كان هناك صندوق للطالب المشحر والمسخمط لكان هو أول المتقدمين.

ولكن معدله في البكالوريوس الذي هو في أدنى المقبول وخبرته التي ليست لها أي علاقة بتخصصه لم يتح له الحصول على أي قبول في أي جامعة أردنية، فما بالك بالحصول على بعثة!! ولعله الآن يبحث عن شراء شهادة ماجستير جاهزة من جامعة جوبا أو من إحدى جامعات جزر المحيط الهندي.

كما لم يخجل عطوفته بتأجيل علاج والدته التي أوصاها الأطباء بدخول غرفة العمليات فورا لإجراء عملية جراحية مستعجلة في العمود الفقري، فأجل إجراء تلك العملية “المستعجلة” أكثر من سنة كاملة قضاها في التسول وتقديم طلبات وخطابات واسترحامات إلى كافة المؤسسات والجهات التي قد تتبرع لعلاج الفقراء والمساكين، وآخرها كان طلب إلى الديوان الملكي بتكفل علاج والدته!! في البداية كانت فرصة قبول طلبه شبه مضمونة، بصفته يعمل في شركة ترأسها شخصية اعتبارية وبإمكانه تدبير واسطة بسهولة في الديوان، ولكن تحت ضغط ثورات الشارع تبدلت الظروف وتغير المزاج العام فتم رفض ذلك الطلب لوجود أناس أحق من ذلك المستشار الإداري الذي يتقاضى خمسة آلاف دينار شهريا!!

بعد رفض طلبه وخسارته ماء وجهه في التسول ومع تأخير العلاج وصل وضع والدته الصحي إلى حافة الخطر، وأصبح الموضوع ليس علاج فقط وإنما حياة أو موت، حينها قام بالتفاوض مع أقارب له والمساومة والمفاصلة معهم لإقتسام تكاليف العملية التي لم تتجاوز كلفتها الألفين والخمسمائة دينار، وأسفرت المفاوضات الشاقة أخيرا بإقناع عطوفة المستشار بأن يتكفل مشكورا بنصف تكاليف العلاج بينما يتقاسم باقي الأقارب النصف الآخر. أي كان نصيبه في المساهمة لا يزيد عن ربع راتبه الشهري!! وقد تم التأكد تماما من قيمة الفاتورة بالإتصال مع إدارة المستشفى.

الغريب أن الديوان الملكي لا يدقق ولا يحاسب أؤلئك الشحادين الذي يتظاهرون بالفقر والحاجة ويخسرون ماء وجههم حتى لا يخسروا “فراطة” دنانير من جيوبهم، ولو كان هناك نظام صارم ونية حقيقية لمكافحة الفساد لتم التحقيق مع أؤلئك الأنذال الذين يأخذون حق غيرهم في العلاج والتعليم. خاصة أنه يعمل في شركة تم تأسيسها من قبل شخصية اعتبارية، فمن الخزي والعار أن يتحول موظفوا هذه الشركة إلى شحادين.

هنا المفارقة المؤلمة، بينما يصطف الفقراء وبسطاء الموظفين وحتى العاطلين عن العمل في دبكات ويهتفوا بأعلى صوتهم: ما نقف عقصرك نشحد مكارم …. ما نقف عقصرك. فإن عطوفة المستشار – تربية الشركات الإستشارية إياها – يقف بكل ذل على كل الأبواب ليشحد ما يعادل راتب أسبوع واحد فقط، ويؤجل إجراء عملية جراحية مستعجلة لوالدته لمدة سنة كاملة، حتى تتحسن أوضاعه المادية وحتى يستطيع جمع تبرعات من هنا وهناك !!

الشحادين أنواع، فمنهم من يرمي جسده بين أحذية المصلين على أبواب المساجد ويتعمد أن يظهر إعاقته الجسدية جلبا للشفقة. أما النوع الثاني وهو أكثر خطورة فهو يرتدي بدلات ماركات عالمية ويضع عطور باهظة الثمن ويقوم بالتوسل بشكل محترف.

في الحلقة القادمة سوف نعرف لماذا تحرص هذه الشركات على إعطاء رواتب فلكية لموظفيها

أبو يحيى…هالقصة مرّت علي قبل هيتش….مين هو… مين هو..؟؟

ف . ع

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى