نواب العزاءات .. ونواب العزومات

#نواب #العزاءات .. ونواب #العزومات

أمير شفيق حسانين

حضرة نائب الدائرة المُوقر .. في عزاء فلان إبن فلان ، لا لا إنه مدعو في وليمة غداء لدي سيد من السادات ، نود الإتصال بمعالي النائب لأمر هام ، ولكن كالعادة نجد تليفون نائبنا البشوش ، مُغلق معظم الوقت ، ثم إن سعادة النائب يترفع عن إستقبال مكالمات الأرقام الغريبة أو التي مصدرها فقير أو ضرير أو أجير ، إضطر أن يستنجد به من كرب أو فاجعة ألمت به !
وأحياناً يضطر سيادة النائب أن يرد علي هاتفه لثواني معدودة ، كاظماً غيظه مُطفئاً غضبه ، مُعتذراً لذلك البائس الفقير الذي ألحَ في الإتصال به ، مُتعللاً له بإنشغاله إما في عزاء أو في حفل غداء أو إفطار رمضاني لدي أحد الشخصيات الهامة بالدائرة !
كان الله في عون معالي النائب ، الذي يزعم أنه أبو الواجب ، وإن كان يؤدي الواجب لدي أشراف دائرته فقط لاغير .. أما مساكين الدائرة وفقرائها وأصحاب الشأن الهيِنْ بها ، فلربما أن نائبهم لا يتذكرهم إلا مع إقتراب كل دورة إنتخابية لكي يساندوه بأصواتهم ، رغم تهميشه لشأنهم لسنوات وسنوات !
النائب شغوف بالشُهرة .. لديه ولعْ بالظهور وسط الجموع والجماعات ، ماسكاً لمسبحته ، مرتدياً بدلته الكاملة أو جلبابه البلدي ومن تحته الصديري ، كأمارة ودليل للبسطاء أنه واحد منهم ، يحاول إقناع المساكين أنه فلاح إبن فلاح ، وأنه منهم ، وأنه بينهم وُلِدَ وترعرع ، وبفضلهم أصبح السياسي والبرلماني .. النائب يناضل بلسان النفاق مؤكداً أنه لم يتغير بعدما أصبح عظيم الشأن ، مؤكداً لأهل دائرته أنهم سبب الخير الذي هو فيه ، رغم أنه لايسعي لجلب الخير لهم !!
الإبتسامه لا تفارق وجه نائب الوعود الكاذبة ، الذي يزعم بأن حديثه يخرج من قلبه قاصداً قلوب الجماهير الغفيرة !
ومن الطبيعي أن حضور نواب البرلمان لعزاءات وعزومات أصحاب الجاه ، هو حضور مصلحة فقط لاغير ، كي يضمن النواب مساندة أهل النفوذ لهم في كل دورة إنتخابية ، ربما بالمال أو بالتأثيرعلي الضعفاء بالخروج لتأييدهم !
فكيف تُهمَل مصالح الخلائق من قِبَلْ نائبهم، المُنشغل بإطعام بطنه من كافة الأطعمة الفاخرة المتراصة علي موائد النبلاء ، أو صار منشغلاً بجمع حاشيته والتجول في العزاءات والأفراح وعقائق المواليد وغيرها من المناسبات ، كي يُبرهن النائب للجميع أنه موجود بينهم !
إن ممثل الدائرة لو حرص علي مواساة المُصاب الذي نفقت جاموسته أو حُرِقَ بيته أو فقد فلذة كبده ، أو أنه سعي لخلق فرصة عمل لشاب تخطي الثلاثين عاماً ويزال جالساً علي مصطبة البطالة ،لكان أنفع للناس من الظهور بأفخم الثياب في عزاءات الأثرياء ، بل إن نائب المستضعفين لو سعي بنفسه أو كلَف غيره بمؤازرة المرضي وتوفير سبل العلاج لهم ، لما اُسيئ إستقباله ، ولما تعرض لمواقف محرجة أو حاول البعض أن يحطَوا من كرامته ، فليت أن نواب مصر يدركون أن السعي لتطوير خدمات دوائرهم أعظم أجراً من السعي وراء العزومات والعزاءات !!

مقالات ذات صلة
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى