يا “معشر” الأردنيين: غابت الدولة / عبد الفتاح طوقان

يا “معشر” الأردنيين : غابت الدولة
عبد الفتاح طوقان

منذ احجية ” الاجندة الوطنية الاردنية” وبعض الآراء والافكار السياسية والفلسفية تتناول بجدلية استحياءيه قضايا” الدولة المدنية “الغائبة والمغيبة قصدا، ولقد غاب مفهومها وقفز عن حقيقة وجود” الدولة الملكية” التاريخية التي رعت بعض من المصالح الفردية لمن تنازلوا بمحض ارادتهم عن الولاية العامة وحقوقهم الطبيعية مقابل امتيازات اجتماعية وسياسية ونفت عن بقية الشعب كل صور ومظاهر العدالة.

وتعيش الدولة وبعض مفكريها في وهم النظريات وكأن الأردن “المقترح” والأردنيين ” غير المتفق عليهم وغير المعرفين لتاريخه” باستثناء العشائر صاحبة الأرض والحق في مختبر أطفال الانابيب السياسي في أحد الجامعات العرقية غير المعترف بها لتحضير ” دولة مدنية” في وقت يستأسد اخرون بقدرتهم الادعائية على “استنساخ دولة مدنية” بلا تشوهات.

أيها السادة والساسة، يا معشر الأردنيين، أن نشأة الدولة، أي دولة وقبل ان تكون مدنية او ديكتاتورية او سلطوية او عرفية الي اخر تلك التوصيفات، تعرف بشكلها السياسي ووضعها القانوني وجغرافيتها وتاريخها، وطبيعة اهدافها ووسائلها واساليبها، فهل ان الدولة الأردنية بحقيقة ظهورها ونشأتها تتمتع بكل ذلك؟

هل المؤسسات صاحبة قرار؟ هل الوزراء أصحاب قرار كامل ام جزئي؟ هل النواب أصحاب قرار منفرد؟ ام كما يتداول كل مسؤول له قرين وموجه يستمع اليه ويأتمر بأمره ؟، وان حدود الحرية يحيطها سورا أكبر وأكثر منعه من سور الصين العظيم؟

وتسأل الدولة بمفاصلها هنا على ذلك وان كانت هي راعية لمصالح المجتمع بالكامل؟، ام انها تمثل جزء او كل او بعض من مصالح الطبقة الاجتماعية التي انتجتها وأتت بها القوي البريطانية تاريخيا والطبقات الانتفاعية الملحقة بهم؟

وهنا أيضا يجب تعريف من هو المجتمع الأردني في ” الدولة المدنية المقصودة ” التي يتم الحديث عنها؟ والتي يهاجمها البعض من خلال الاعتقاد حسب ما ورد في الاجندة الوطنية انها ستفرض جماعة بشرية لتبسط سيطرتها على منطقة “عبر الأردن ” المحدد جغرافياً.

والتساؤل قبل كل هذا وذاك، من هي تلك الجماعة البشرية، هل هم كل من كانوا قاطنين على مساحات من الأرض التي كان يطلق عليها “عبر الأردن” قبل عام ١٩٤٦، أم حسب قانون الجنسية الذي عرف الاردني بأنه كل من حصل علي الجنسية الأردنية او جواز سفر اردني بمقتضي قانون الجنسية الأردنية لسنة ١٩٢٨ و تعديلاته و القانون رقم ٦ لسنه ١٩٥٤، و كل من كان يجمل الجنسية الفلسطينية من غير اليهود قبل تاريخ ١٥/٥/١٩٤٨ و يقيم عادة في المملكة الأردنية الهاشمية خلال المدة ما بين ٢٠/١٢/١٩٤٩ و لغاية ١٦/٢/١٩٥٤.

أم ان الدولة التي ينادي الي ان تكون ” الدولة المدنية الحديثة ” تتكون من الموجات السكانية المتواردة والطارئة والمهجرة فيما بعد ذلك التاريخ؟، ام أنها مزيجا مصطنعا فرضه واقع استعماري لخدمة اهداف كيان مجاور زرع لإدماء المنطقة العربية واضعافها وتفتيتها؟، ويسعي ضمن صفقة القرن الداعية الي توطين ٢ مليون فليسطيني.

“صفقة القرن “الذي قال عنها رئيس الوزراء الأردني الأسبق طاهر المصري – وهو المحق الذي لا ينطق عن الهوى والادري المسؤول عن كل ما يقول دون تشويه لحديثه او مغايره حسب رغبة البعض- انها نفذت على الأرض الأردنية، ثم باعتبار القدس عاصمة لإسرائيل، ثم القومية اليهودية التي حولت أصحاب الأرض من الفلسطينيين الي سكان لا مواطنين.

واعود الي الدولة المدنية من حيث الرجوع الي بقايا عظام حوارات الاجندة الوطنية ومن ثم كتابات بعض المنشغلين بالشأن العام وليس اخرهم الدكتور المهندس مروان المعشر، وزير الخارجية الذي يفكر خارج صندوق فاقدي النظر من الساسة، قد اظهر افكار وتصورات ومفاهيم متباينة الى الآن حول مفهوم الدولة المدنية ووظيفتها الاجتماعية والسياسية والاقتصادية في مقابل الدولة الأحادية القرار.

وتناسي الجمع “الدولة الملكية “بمفهومها السياسي السلطوي بأنها المؤسسة السياسية والاجتماعية الوحيدة والمطلقة التي تعتقد ان من جقها ان تملك وحدها الحق في ممارسة القوة وتفرض القانون ولها حق استخدام كل الوسائل لفرض طلب الطاعة من الشعب، وهي التي أسست لمفهوم به كثير من اللبس والخلط والمغالطات حيث اعتبرت وصهرت الدولة والحكومة معا في مفهوم مغاير رغم تصريحا ت “فصل السلطات “.

أن الحكومة من لمفترض أنها مؤسسة تنفيذية وحدود مسؤوليتها هو ادارة شؤون المجتمع وهي جزء من الدولة التي تضم السلطة التنفيذية «الحكومة» والتشريعية والقضائية بمعنى ان الدولة هي الجهاز السياسي والقانوني والاداري والاقتصادي الذي يقوم بتنظيم الحياة الاجتماعية داخل المجتمع وان الحكومة هم الاشخاص الذين يحكمون باسم الدولة.

في” الدولة الملكية ” وبموجب عقد، لم يتفق مع مصالح الشعب، تم بين بعض من الافراد المنتفعين و ” الدولة الملكية ” الفردية القرار ممن تخلوا بموجبه عن بعض حقوقهم مقابل تحقيق الأمن والاستقرار وضمان حريتهم وامتيازاتهم المنسجمة مع مصالحهم الذاتية لا مع قوانين الدولة ودستورها بات ملحا الانتقال الي الدولة المدنية.

وبالتالي لوحظ انه قد غابت ” الدولة المدنية الحديثة” التي يتحدث عنها الأخ الدكتور مروان المعشر و الذي اتفق معه في جزئيات مما طرح، تلك الدولة ذات المؤسسات الدستورية والقانونية المستندة الى اساليب ومنهج الحكم الديمقراطي وآليات الانتخابات والمؤسسات البرلمانية التي تستمد شرعيتها في الحكم من خلال العملية السياسية الديمقراطية و السيادة الشعبية و الحريات المدنية و السياسية و فصل السلطات فعلا لا قولا و تحرير المواطن من عقدة الخوف و ضمان ممارسة حقوقه الطبيعية وحمايته من كل اشكال التسلط السياسي والقهر الاجتماعي والعمل على تنمية الموارد البشرية صحياً وتربوياً وثقافياً ومهنياً، والمحافظة على الموارد الاقتصادية للمجتمع وتنميتها وحماية الحدود من الاعتداءات الخارجية وعدم السماح للقوى الاقليمية في التدخل في شؤونه، و التي منها “صفقة القرن ” علي سبيل الذكر لا الحظر.

عندما طرح رئيس الوزراء الأردني الدكتور عمر الرزاز “عقدا اجتماعيا ” جديدا وتمت مهاجمته، اعتقد انه كان يقصد صياغة عقد بين الدولة والمجتمع وتوثيق اتفاقاً ضمنياً وصريحاً في غايتهما ووسائلهما يهيئان الظروف التي تعمل على تحقيق التكاملية للطاقات والامكانيات الإنسانية تمهيدا للدولة المدنية الحديثة.

ولكن يبقي التساؤل مفتوحا أي دولة وأي مجتمع في ظل المتغيرات المفروضة يتم الحديث عنهما؟
aftoukan@hotmail.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى