لا تقلقوا / المحامي محمد زهير العبادي

لا تقلقوا سياسة ترامب جزء ثالث لسياسة أوباما

على الرغم من أن ترامب هاجم الرئيس أوباما أثناء حملته الإنتخابية و نعته بأنه أسوأ رئيس للولايات المتحدة الأمريكية على الإطلاق، إلا أن التشابه بينهم أكثر من الفروقات .

بداية فيما يتعلق بالصعيد الخارجي و تحديداً الشرق الأوسط ؛ فقد قام أوباما في عام 2011 بسحب قواته من أفغانستان قائلاً بأن أمريكا لا تستطيع نشر قواتها في كل مكان لأن كلفة الحرب في العقد الأخير قد وصلت إلى 30 تريليون دولار مما أدى إرهاق أمريكا إقتصاديا و علينا أن نتجه الآن لبناء و تنمية الدولة من الداخل .
و هذا بالضبط ما قاله ترامب في إحدى تصريحاته؛ بأن تريليونات الدولارات تصرف على الشرق الأوسط و من الأجدر أن تصرف على الدولة من الداخل .
مما يعني أن الإنسحاب من المناطق الخطرة لتوفير الأموال و تنمية الدولة الأمريكية كانت سياسة أوباما و ستكون سياسة ترامب .

سياسة أوباما إتجاه الشرق الأوسط لم تكن مؤثرة بل فاترة إلى حدٍ ما ، و كان بعيداً عن الأحداث ؛ و ترامب أيضاً تحدث على أن الولايات المتحدة الأمريكية يجب أن تبتعد أكثر عن الصراعات في الشرق الأوسط بحيث تعتمد الدول هناك على نفسها في فرض الإستقرار و حل النزاعات كما كان موقف أوباما من حرب السعودية و حلفائها ضد الحوثيين .

مقالات ذات صلة

سياسة أوباما أعطت نفوذ أوسع للروس في الشرق الأوسط و هذا ما نراه في سوريا ..فبشار الأسد ما زال يحكم ، و ترامب ليس لديه أدنى مشكلة في تدخل روسيا في الشرق الأوسط ، ولوّح بأنه لا يدعم نظام بشار الأسد بالخصوص و لكن يفضّل وجوده لأنه يحارب داعش .

أما تركيا فالكل يعلم موقف أوباما من الإنقلاب العسكري و دعمه للرئيس أردوغان ، و ترامب أيضا معجب بسياسة أردوغان و طالب بمنحه الحق بحربه على الأكراد و فرض سيطرته حفاظاً على الحدود التركية .

أما بالنسبة للتميز الأمريكي العنصري ، فقد صرح أوباما عام 2009 بأنه يؤمن بالتميز العنصري للمواطن الأمريكي و قد لاقى تصريحه إستهجان كبير و نُعت بأنه لا يملك رؤية أخلاقية ؛ و نحن نعلم جيداُ من يشاركه في إنعدام الرؤية الأخلاقية ..إنه ترامب الذي صرح بأن الأمريكيون أفضل من باقي الشعوب .

و لن تختلف سياسة ترامب عن سياسة أوباما إتجاه دول الخليج التي تحكمها المصالح الأمريكية فقط .

بالنسبة للكيان الصهيوني و الإستيطان ، الكل يتسابق على تقديم الدعم و التعبير عن عمق العلاقة بين البلدين .

أما بخصوص العلاقة الدبلوماسية بين المملكة الأردنية الهاشمية و الولايات المتحدة الأمريكية فهي علاقة صداقة و إحترام فرضتها السياسة الخارجية الأردنية التي يقودها جلالة الملك بحكمة و إقتدار ، ويشكل صمود الأردن و إستقراره في ظل الصراعات التي تعصف بالمنطقة مصدر إلهام لدول العالم أجمع بالإضافة لمواقفه الإنسانية .

فلم يختلف ترامب مع سياسة أوباما إلا بما يخص البرنامج النووي الإيراني و التراجع عن الإتفاقية المبرمة مع إيران بخصوص هذا الشأن ، و لا نعرف إذا ما إستمر و تمسّك برأيه.

فالسؤال ..هل تصريحات ترامب في حملته الإنتخابية لجلب الإنتباه أم أنها ستطبق على أرض الواقع …

فالبنظر لشخصية ترامب نجد أنه يفتقد لحس القيادة السياسية و ليس لديه القدرة على مواجهة أعضاء الكونغرس لتنفيذ أي قرار إعتباطي ، فأوباما يتقدم عنه كثيراً بهذا الشأن .

فلا داعي للقلق فيما يخص سياسة ترامب ، فلن يخرج عن السياسة العامة السابقة في عهد أوباما ..بل سنكون أمام أوباما ثانٍ في المنطقة .

بقلم المحامي محمد زهير العبادي .

اظهر المزيد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى