دفاعٌ عن من..ومِن مَن؟

دفاعٌ عن من..ومِن مَن؟

م. عبد الكريم أبو زنيمة


لا يكاد يمر يوم على الشعب الاردني الا ويفجع بمأسآة أو كارثة أو مصيبة! بالأمس كانت فاجعة السلط، واليوم نفجع بالاتفاقية الامنية مع الولايات المتحدة الامريكية، هذه الاتفاقية بمضمونها وجوهرها وأهدافها لا تخدم الا المشاريع الصهيوأمريكية وترتقي الى مستوى احتلال أمريكي للاردن، فماذا عسانا نقول لكل من استشهد دفاعًا عن قدسية تراب هذا الوطن ونحن نشاهد بساطير العسكر الامريكي تدوس على كرامتنا؟
بدايةً لنحدد المخاطر والأعداء الذين يتربصون بنا، العدو الابدي والازلي الذي يهددنا وأمتنا العربية أرضًا وشعبًا وحضارة وتاريخ وثقافة وعقيدة هي إسرائيل التي نقيم معها اتفاقيات سلام وهمية “اتفاقيات أنظمة” وهي التي ترسم خططها واستراتيجياتها وتشرعن قوانينها على إقامة يهودية دولتها -أي أن هذه الدولة ستقام على حساب الأردن وما يستطيع أن يصل اليها جيشها من الجغرافيا العربية، هذه الدولة تحميها وتمولها وتسلحها بأحدث ما وصلت اليها تكنلوجيا الاسلحة الحربية للولايات المتحدة الامريكية التي لم ولن تقف يوماً بوجه أطماعها العدوانية التوسعية، أي أن امريكا لن تدافع عنا إذا ما قررت إسرائيل غزونا والتوسع على حسابنا بعد أن فقدنا عمقنا الجغرافي، فما نشاهده اليوم كمرحلة أولى فيما يجري على ارض فلسطين المحتلة من توسع واستيطان وتهويد يتم بموافقة ورضى امريكا وحتمًا المرحلة الثانية ستكون على حساب الأردن، أما الخطر الثاني الذي يهددنا ولا يقل خطورة عن الأول فهي الطبقة الحاكمة مزدوجة الجنسيات وغالبيتهم ممن لا يهمهم من الاردن غير ثرواتهم وأرصدتهم وتنفيذ السياسات الخارجية التي تُملى عليهم، هذه الطبقة هي التي باعت بأرخص الأثمان كل مقدرات الوطن وتعمل على مدار الساعة على هدم كل ركائز وقواعد الدولة من خلال تشجيع كل أشكال الفساد المالي والاداري والاجتماعي والثقافي وهي التي هدمت كل وسائل وأدوات الإنتاج الوطني، هذه الطبقة التي لا تتجاوز نسبتها 5% من الشعب الأردني أصبحت اليوم تستحوذ على ما لا يقل عن 80% من مقدرات الوطن المالية، هذا الثراء جاء نتيجة تغييب المشاركة الحقيقية للشعب الأردني بالحكم من خلال تزوير الانتخابات البرلمانية والاتيان بممثلين لهذه الطبقة، فلا عجب ان لم نرى ولن نرى اي موقف وطني صلب لهذه الجالس المجترة من بعضها على مدار أكثر من عقدين بوجه الجرائم التي ارتكبت وترتكب بحق الوطن وشعبه حتى القرار اليتيم لهم بوقف العمل باتفاقية الغاز طُرح في سلة المهملات، كذلك هيمنت هذه الطبقة على السلطة القضائية لضمان عدم مسائلتهم ومحاسبتهم على جرائمهم بحق الوطن، لكن المضحك المبكي هو ان هذه الطبقة دجنت الكثير من الاحزاب وجعلت منها ادوات لها وربطت وجودها بالاعطيات المالية، وكذلك جعلت منها دعاية اعلامية ديمقراطية تزين بها وجهها ونهجها وتسولها لدى الدول المانحة، هذه الاحزاب للاسف تعرف حق اليقين أن التنمية السياسية التي تتشدق بها هذه الطبقة هي خرافة وسراب، الطبقة الحاكمة اليوم تتحكم بالاعلام وتشرعن القوانين لتكميم الافواه ومنع الحريات وحرية الرأي وتحارب كل منظمات المجتمع المدني التي تعارض نهجها.
هذان هما الخطران الرئيسيان الذان يشكلان اليوم تهديداً وجوديًا للاردن، أما ما يسوقه الاعلام التضليلي عن مؤامرات وخطر إيراني وتدخلات أجنبية فما هو الا محاولة للتأثير على العقل والفكر الجمعي للشعب الاردني لحرف بوصلة نضاله وكفاحه عن الاعداء الحقيقين، اليوم وبعد أن بتنا في بؤرة الخطر لم يعد أمامنا “أحزاب، نقابات، مؤسسات مجتمع مدني، شخصيات وطنية ..الخ ” إلا تشكيل جبهة وطنية لتأسيس وبناء اردن ديمقراطي وطني ينقذ البلاد والعباد من كل المخاطر الوجودية التي تهددنا.

مقالات ذات صلة
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى