حصاد 2016 / د.رياض ياسين

حصاد 2016 محاربة الإرهاب هي العنوان

تصاعدت الهجمات الإرهابية ضد الأهداف المدنية والعسكرية في العام 2016، ليشهد زخما في العمليات غير مسبوق،حيث ان الفعل الإرهابي يشير بوضوح الى رسائل ذات مغزى سياسي واستراتيجي لتنظيمات باتت على موعد مع إحداث اختراقات مهمة في اكثر من منطقة في العالم،والسؤال المطروح هل ثمة علاقة بين حوادث الإرهاب في بلدة القاع اللبنانية وحادثة “أورلاندو” الأميركية، وحادثة «شارلي أيبدو» الفرنسية، ومطار بروكسل عاصمة الاتحاد الأوروبي وحادثة مطار أتاتورك في اسطنبول، وحادثة برلين، وتفجيرات اسطنبول وكنيسة العباسية في مصر وعملية الكرك في الأردن.

ما الذي يعنيه الضرب بكل الاتجاهات ،هل حانت لحظة تصفية التنظيمات الإرهابية وتجفيف منابع قوتها خاصة مع اقتراب الحل والتفاهمات في الازمة السورية،وللتذكير فتنظيم داعش مثلا تعرض لضربات كثيرة أهمها خسارته الفلوجة أهم معاقله في العراق وانكفائه الى الشمال حيث الثقل الداعشي في الموصل التي تحررت على ايدي الحكومة العراقية المدعومة لوجستيا من ايران وحزب الله ودول التحالف الدولي على رأسها روسيا والولايات المتحدة الامريكية،فقد اكتوى تنظيم داعش في مرمى نار”مركز تنسيق بغداد” الروسي الإيراني مع ميليشيات موالية لإيران.

لقد شهد العام المنصرم معارك ضارية ضد التنظيمات الإرهابية في العراق تحديدا، ودخلت عناصر وقوى جديدة انتقلت الى شمال سوريا لمحاربة التنظيم على رأسها قوات سوريا الديموقراطية الكردية المدعومة أمريكيا، باللإضافةالى الضربات الجوية الموجعة من سلاح الجو الروسي العابر للحدود والقارات. لقد انطفأ اهم تنظيم إرهابي وهو داعش امام كل هذه الهجمات ولم يعد التنظيم على مايبدو قادرا على خوض معارك جديدة بأهداف مؤثرة،وهناك تحول مهم حدث نتيجة قيام تركيا بعد تفجيرات اسطنبول الموجعة بشن حرب على داعش والإرهاب مما أحدث تقاربا روسيا تركياَ نجح أخيرا في وضع النقاط على الحروف لتفاهمات حول وقف إطلاق النار في سوريا بصورة عامة.
يبدو ان ساعة الصفر قد حانت لتصفية جيوب داعش وملاحقة فلولها، وربما سيدرك التنظيم الداعشي خطأه الفادح في إقحام تركيا في أتون المعركة،وتركيا هي المسيطرة على الشريط الحدودي السوري الممتد من جرابلس اقصى الشمال الشرقي الى أعزاز أقصى الشمال الغربي وسيطرتها على مفتاح مدينة حلب وأعني مدينة الباب الاستراتيجية.

مقالات ذات صلة

الإرهاب ليس له هدف محدد والتنظيم الداعشي يضرب بكل الاتجاهات دون حساب الا لمجرد الضرب في كثير من الاحيان ،الدليل أنه يخسر متعاطفيه في كل مرة، وربما هذه الضربات العشوائية مؤشر على إفلاس توجهاته وضبابية أهدافه،فما علاقة ضرب معسكر قرب حدود الأردن يستقبل لاجئين مع ماجرى في اورلاندو او القاع او استنبول،أو التحضير لشن هجمات على اهداق مدنية كما هو الحال في إحباط عملية فلول الكرك، وماالرابط بين كل ذلك؟ الرابط بين هذه الاهداف لايمكن فهمه الا من خلال ان هذا التنظيم ليس محليا في توجهاته، فهو العالمي من حيث السعي لخلق خطاب ديني متعولم ، فهو يوصل رسالة انه يحارب العالم ويسعى لتفكيك تلك الإمبريالية المتعولمة المتأمركة» وعلى الجهة الاخرى وجد نفسه امام عدو آخر هو الدب الروسي والإسلام الشعي وحلفائه والأمبراطورية التركية أخيرا.

أثبت تنظيم داعش انه بمنتهى الغباء السياسي،ومن هنا انتشر خارج مناطق نفوذه المؤقتة واستهدف اماكن في العالم توحدت ضده واصطفت بغض النظر عن تمايز حساباتها واجنداتها لتعلن ان عدوها الاول بات هذا التنظيم،وقد منح داعش رخصة لاستعدائه تماما بعد أن أفرط وتفنن في استعمال العنف، وعبقرية القتل بكل الوسائل والأدوات.

داعش ليس لها حليف بعد كل ذلك ، وهي ربما ترى ان “الله” فقط هو حليفها ،ويتأكد ذلك انها لاتخوض حربا من اجل دولة أو شعب فهي تخوض حربا عالمية كونية فالكل اعداء وضرب الكل سيؤدي الى إرضاء “الله” الذي ستؤول اليه الأمور اخيرا.

يبقى السؤال المشروع لماذا تلكأ العالم في حرب هذا التنظيم، وهل فعلا فشلت الاستراتيجية للأمم المتحدة والتحالف الدولي في محاربة الإرهاب من التصدي لهذا التنظيم، ولماذا تم تأجيل المواجهة الكونية مع هذا التنظيم الذي بات يضرب القارات الخمس طولا وعرضا.

التخوفات الاخطر ان داعش لن يكون هو آخر تنظيم إرهابي وربما سيولد تنظيمات أكثر فتكا وإرهابا في عالمنا ،وربما ستساعد الحواضن في العالم العربي على ولادة هذه التنظيمات التي لن يكون العالم بأكمله قادرا على مجابهتها، فعشرات السنوات التي مرت على الدول العميقة العقيمة في منطقتنا ستجعلها ساحة لولادة كائنات غريبة شكلا وموضوعا ستقض مضاجع الأمن والأمن الذي بات حلما يراود بلادنا.
rhyasen@hotmail.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى