خواطر من الذاكرة العميقة

خواطر من الذاكرة العميقة
بسام الياسين

الكتابة هي ان تنفذ الى الزوايا الخبيئة، لتكتشف اسرارها.تفك طلاسمها الملغزة.تنزع قشرتها الرقيقة لتتذوق طعمها،فالمظهر غالبا لا يشي بصدق الجوهر،فالسُم غالبا ما يُدسُ بالحلوى. فاحذروا تجار الكلام لان بضاعتهم فاسدة، رغم بلاغتها وتطعيمها بالمحسنات البديعية ليسهل ابتلاعها.فحبر الكتابة ان لم يكن مغموساً في شريان القلب،ورحم المعاناة ويعبر عن وجع العامة بعامة وينتقد فجور الخاصة.هي تقع ـ من باب أَولى ـ في باب الارتزاق والفهلوة .

( البطل الشعبي )

ليست مشكلتنا في قلة الموارد،ضعف الامكانيات،عدم الوعي بالمستقبل، الخوف من ارتقاء سلم التطور.مشكلتنا تتموضع في تعطيل عقولنا.خوفنا من المكاشفة عن المسكوت عنه.اخراج المخبوء من صدورنا للعلن، لتعريته دون خوف.الاهم ان نخبنا لم تزل حبيسة العلب القديمة الصدئة.السبب تفريطنا في الـ “نحن” الجماعية وتمركزنا حول الـ ” انا” الفردية،حتى اصبح مجتمعنا مجتمع القلة النخبوية و “الانوات” النرجسية. رغم افتقارهم لادنى مقومات القيادة و الادارة وفشلهم الاداري المعرفي . لذلك أَعملوا مشارطهم فينا.طبقوا تمارينهم بالذخيرة الحية علينا كاهداف ثابتة لا تستطيع الدفاع عن نفسها.

لم نسمع ان احدهم استلهم نظرية جديدة،ليرتقي بالسياسية،يبتكر في الاقتصاد، ينهض بالمجتمع.لم يدخل أي منهم عوالم الخلق و الابداع،الاستشراف المستقبلي، بحكم استرخاءهم في مكاتب مكندشة وافراطهم بالتدخين وشرب القهوة.،فانقلبت الوظيفة من خدمة عامة، الى وجاهة.مشكلتنا ـ ان رجال الله الصغار ـ صَغَّروا كِبارنا.حولوهم الى متاحف الشمع. الاخطر انهم قتلوا البطل الشعبي فينا،اما الاجيال الجديدة فلا تعرف سوى الاقزام. من هنا جاء افتقارنا للبطل الشعبي.

( المُكنسة )

لو كنت عضواً في جائرة نوبل،لاستحدثت جائزة قيّمة لـ “الطهارة الوظيفية “،ورشحت لها الرئيس النيجيري محمد البخاري الذي حقق فوزاً ساحقاً ـ قبل سنوات ـ على خصمه باكثرية شعبية لافتة. السبب خروج الرئيس البخاري،على المألوف في الانتخابات. لم يطرح برنامجاً انتخابياً،لم يرش الشوارع بصوره كعارضات الازياء؟،لم يركب ظهور الميكرفونات،وينثر الوعود المستحيلة، كما يفعل الانتهازيون في الانتخابات،لم يعلق يافطات تتارجح في الهواء،و لا علاقة لها بارض الواقع.

كان شعاره الانتخابي غير مكلف ولا متكلف. الشعار رخيص جداً :ـ ” صورة مكنسة “، في اشارة واضحة، انه في حال فوزه، سيعمل على كنس مؤسسات الدولة من الفاسدين.فعلاً فاز بتأييد شعبي عارم،وبدأ حملة الكناسة. نظف بلاده بمكنسة واحدة،فاذا اكتفت نيجيريا بمكنسه.فكم يحتاج الوطن العربي من مكانس او مصانع للمكانس لكنس النخب الفاسدة ؟.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى