الاحزاب السياسية الاردنية… وقفة للمراجعة (1)/ علي عبدالسلام المحارمة

تكاد تجمع كافة النظريات السياسية على اهمية وضرورة وجود احزاب سياسية قوية متماسكة وايجابية من اجل بناء انظمة سياسية متطورة، فتقوم نظرية البنائية الوظيفية لالموند على وجود مؤسسات لكل منها وظيفة واضحة يتشكل النظام السياسي منها مجتمعة، ويؤكد هذا العالم على مركزية الوظائف التي تؤديها الاحزاب السياسية ضمن هذا البناء.
ويتجه صمويل هنتجتون في سياق كتابه: النظام السياسي لمجتمعات متغيرة الى تصنيف النظم السياسية عبر العالم الى نظم مستقرة حديثة واخرى تسعى لتطوير ذاتها وثالثة تقليدية متخلفة تتسم بكثرة الانقلابات والتغيرات الدراماتيكية، ويستخدم عدة معايير لهذا التصنيف ابرزها وجود احزاب سياسية راسخة؛ بالإضافة الى معايير اخرى كتدخل او عدم تدخل العسكر بالعملية السياسية، وحدة الفروقات الطبقية وغيرها من المعايير…
فيما يؤكد ديفد ايستون على ضرورة وجود الاحزاب السياسية لاكتمال العملية السياسية على اكمل وجه في كافة مراحل وادوار النظام وذلك في سياق نظرية النظم ذائعة الصيت، والتي تتكون من مدخلات وعمليات ومخرجات وبيئة وتغذية عكسية مرتجعة.
ومن هنا؛ لا يمكن لباحث او مراقب او ممارس للسياسة اغفال الدور الذي تؤديه الاحزاب في النظم السياسية واهمية وجودها، وذلك من اجل بناء سياسي قادر على الحياة ومواجهة كافة الصعوبات والتحديات، ولا شك بأن النظام السياسي المتّسم بهذه السمات مؤهل لقيادة حركة النمو والازدهار في مناحي الحياة الاخرى: الاقتصادية والاجتماعية والتعليمية والثقافية…على اكمل وجه.
وهناك عدد من الوظائف والادوار التي تؤديها الاحزاب السياسية ومن ابرزها:
اولا: تجميع المصالح العامة وتمثيلها وتبنيها.
ثانيا: تجسيد دور الوسيط بين الرأي العامة والحكومات ومراكز صنع القرار.
ثالثا: التجنيد السياسي لخدمة المجتمع وقضاياه، وهذه الخدمة تسهم بابراز وإعداد الكوادر السياسية المنتمية والمؤهلة للقيام بأدوار سياسية.
رابعا: التنشئة السياسية وذلك سواء وفقا لقيم المجتمع والنظام السياسي المشتركة و العليا او وفقا لمبادئ الحزب وافكاره والتي بالضرورة يجب ان تنسجم مع قيم النظام العامة.
خامسا: المشاركة السياسية سواء بالترشح او الانتخاب لكافة مسارات الحياة العامة التي تدار بالانتخاب، البرلمانية او المحلية او النقابية او الطلابية…
سادسا: الاحزاب السياسية متطلب اساسي لشرعنة النظام السياسي وابراز كونه نظام للمجتمع كله بكافة مكوناته وليس لحكرا لجهة او فئة.
سابعا: الدور الرقابي للأحزاب السياسية ويندرج تحت هذا الدور ان الاحزاب يجب عليها ان تقدم الافكار والحلول والبرامج لكافة الصعوبات والتحديات التي تواجه المجتمع وعدم الاكتفاء بالانتقاد والانتقاص…
ان هذه الوظائف تبرز اهمية وجود الاحزاب الحقيقية الفاعلة من اجل استقرار النظم السياسية وتطورها، مثلما توفر ايضا ادوات حقيقية لتصنيف هذه الاحزاب وتقييم ادائها.
ومن خلال ممارستي ودراستي عبر عشرين سنة للعمل الحزبي الاردني؛ اعتقد ان من واجبي ان اقدم خلاصة ما توصلت اليه في سبيل النهوض وليس الاكتفاء بالانتقاد والقاء التهم جزافا….
<<<يتبع

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى