حيفا بُرقة… البحث عن الجذور/ ذاكرة الشتات

سواليف

صدر حديثاً عن دار “الآن ناشرون وموزعون” في عمّان الجزء الثالث من كتاب “حيفا بُرقة… البحث عن الجذور، للدكتور سميح مسعود، وهو بالاختلاف الجزأين الأول والثاني، فقد جمعت معلوماته من منافي الشتات، من خلال زيارات تنقل فيها المؤلف في فضاءات ست مدن متناثرة في ثلاث قارات، هي عمان وبيروت والرباط ومشيغن وادمنتون وكالغري ،اقترب بهذه المدن من سير أناس كثر من أبناء حيفا وبُرقة ، أغلبهم من الأحياء، ومنهم شهداء سطروا بدمائهم الزكية أروع صفحات النضال والتضحية فداء للوطن، تطرق فيها الكاتب، إضافة إلى ما كتب عنهم، إلى جوانب هامة من تجاربهم النضالية من أجل بلدهم.

لم يكتب المؤلف عن جذوره وجذور غيره من أجل الكتابة فحسب، بل من أجل ترسيخ قيم الانتماء الوطني في نفوس الأجيال الحالية والقادمة، لكي يتعرفواعلى أرض الآباء والأجداد، ولكي تبقى الذاكرة الجمعية الفلسطينية حيّة ومتوهجة، قادرة على استحضار رواية جماعية كاملة لما حدث للشعب الفلسطيني قبل وخلال وبعد النكبة.

ما من شكّ أنَّ الرواية التي اهتم بها المؤلف لا علاقة لها بالتاريخ الرسمي، وإنما تتكون من فصول قصص منفردة كثيرة آسرة لأشخاص كثر، تترابط في منظومة تركيبات نصية، وشريط طويل من الصور المعبّرة، على امتداد آفاق زمانية ومكانية واسعة، تعكس الحياة الفلسطينية ما قبل النكبة، وتعقيدات “تغريبة” الشتات بكل آثارها وتجلياتها، وأبعادها المأساوية.

وهكذا دخل من خلال مشروعه بالبحث عن الجذور في خبايا فضاء مسكون بأصداء التهجير والرحيل والهزيمة والغربة والمنافي، وجد فيه أن النص الحقيقي المتوفر في ذاكرة أناس من كبار السنّ، تسعفهم الذاكرة وهم في غسق العمر على استحضار أيّامهم الماضية بخصوصية ذاتية بكل أبعادها، التقى بالعديدين منهم واستحضر من أحاديثهم عصارة تجاربهم بأحاسيس وطنية غير قابلة للتغير.

سجل أحاديثه معهم في فصول متشابكة في ثلاثة أجزاء متتابعة، تُجسد في جوانبها المفصلية عمق جذورهم في قراهم ومدنهم بكل ما فيها من دلالات ومضامين منقوشة في ذاكرتهم، طاف معهم في كتابه، وسجل ما سمعه منهم على أوراقه، لحفظها في الذاكرة الجمعية الفلسطينية على مدى الأيام

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى