حنفية ومزراب وجفاف عند الشباب

حنفية ومزراب وجفاف عند الشباب
نصر شفيق بطاينه

جاء في الحديث الشريف عن النبي ( ص ) ” انه لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها ” وفي رواية واجلها , الحقيقة هذا يجعل المسلم مطمئن على رزقه انه لن ينقص او يزيد وعليه ان يجمل في الطلب ويتوكل على الله , وجدت بالتجربة ووجد الاردنيون على مدار عقود مضت وحاليا ان هناك فئة في المجتمع الاردني قد تكون ذو حظ عظيم هي فئة الموظفين من الدرجة العليا من وزراء وما يعادلها من مناصب أعلى قليلا أو اقل قليلا وهي فئة النخبة لا ينطبق عليها ما ينطبق على الموظفين الخاضعين لقانون الخدمة المدنية اي خارج التغطية , اي بمعنى لا ينطبق عليها خدمة ثلاثين سنة او اشتراك 360 شهرا في الضمان او اقل وتتنقل من منصب الى آخر , تخرج من الخدمة فترة مؤقتة ثم تعود وكأنها استراحة بين الشوطين أو قد تجلس فترة على دكة الاحتياط ثم في المباراة القادمة او الحكومة القادمة تشارك في الوظيفة من جديد , هذه الفئة او النخبة مطمئنة تماما على مستقبلها ووظائفها فهي تتنقل من منصب وحنفية مال الى منصب اخر ومزراب مال او احيانا نافورة او دش من المال , حتى لو هذه الفئة تقدمت في العمر او كانت على التنفس الاصطناعي او على وشك الانتقال الى الرفيق الاعلى فلا يجوز ذلك يجب ان تستوفي جميع مناصبها واموالها وتطلب ( بضم التا ) بقوة فالوطن بحاجة اليها والى خبراتها او قد يكون مكافئة على خدماتها السابقة والمثرية للوطن ورفاهيته . احيانا تتأخر المناصب على بعض الشخصيات وتغيب عن الواجهة الاعلامية او الاجتماعية والا هو بعض وسائل الاعلام او المواقع الاخبارية تطرح سؤال او استفسار أين انت يا فلان واين انت يا علان لم نراك منذ مدة ولا نعرف اخبارك طمنا عنك فيضطر الرجل الى عمل جولة في وسط البلد في عمان سيرا على الاقدام وينتهي به المطاف عند كشك ابو علي للثقافة يشتري بعض الكتب ويبتسم ويلتقط بعض الصور ويغادر مصحوبا بالسلامة , بعد عدة ايام نفس الاعلام التي ذكرنا اعلاه مبروك يا فلان خبر سعيد ومنصب جديد في طريقه اليك مبروك … الحقيقة انا لا أستهزئ وانما انقل وقائع وحوادث , ايام قليلة واذ صدرت الاخبار بتعيين فلان في الموقع الفلاني , والشباب عندنا بتلعب شدة وتتفرج على سخافات الفيسبوك …
معالي وزير التنمية السياسية والشؤون البرلمانية المحترم يطالب الشباب المشاركة والانخراط في الحياة السياسية لا اعرف عن اي شباب يقصد العاطلين عن العمل تحت سن الثلاثين ام العاطلين بعد سن الثلاثين , كيف للبطون الجائعة ان تشارك ولا تملك اجرة طريق الندوات ان وجدت ؟ في عبارة تتردد من خلال حدوثة شعبية قديمة تقول ( كيف انام , كيف انام , وقلبي خالي من الطعام , ويقصد المعدة ) حتى تتحرك السيارة لا بد من بنزين معاليك وفهمك كفاية …
الحقيقة اريد ان انظر بإيجابيه الى هذا الاجراء او البروتوكول او النظام سمه ما شئت وانظر الى النصف الملآن من الكاس مع ان البعض ينتقده وينتقص منه واقول انه لا حسد وجميل جدا ان تهتم الحكومات المتعاقبة او الدولة الاردنية برجالاتها وان الدولة لا تأكل اولادها كما يشاع بل العكس تقدرهم وتحافظ عليهم وعلي هيبتهم والتأكد من برستيج الوظيفة او حنفية المال تصلهم باستمرار حتى يتمكنوا من المحافظة على العيش الكريم ومستوى معقول من الاستقرار المالي والنفسي والاجتماعي وبالتالي هم مواطنون اردنيون وشكرا لصاحب الفكرة .
بالمقابل اريد ان اذكر وانوه وادب الصوت واقرع الطبول اذا امكن واقول ان هناك نسبة البطالة بين الشباب تزيد عن 26% وأكثر وهؤلاء الشباب بلا عمل ولا زالوا عالة على ابائهم وتحت الحسنة للحصول على المصروف اليومي لقضاء بعض حاجاتهم , من هذه الفئة اي الشباب مجموعة كبيرة من هؤلاء الشباب دخلت اعمارها سن الثلاثين وهم بلا عمل وبلا أمل للوظيفة ولا أمل للزواج وبناء اسرة كما شرع الاسلام ومواصلة رسالة البشرية ويتفرجوا على سنين عمرهم يحترق كالشمعة او يتفلت بشكل علني من بين ايديهم وهم بلا حول ولا قوة وكل سنة يزيد منسوب الاكتئاب والاحباط لديهم وجاءت موجة الكورونا لتزيد همهم وألمهم واحباطهم طبقة على طبقة .
قبل سنتين شرعت الحكومة في احالة الموظفين الذين بلغت خدماتهم الثلاثين عاما على نظام التقاعد ثم مشتركي الضمان بخدمة 360 شهر بهدف ترشيق الدوائر الحكومية وازالة الترهل الاداري واعطاء فرصة للشباب وتوظيفهم وضخ دماء جديدة , لكن الذي حصل انه لم يتم تعيين اي موظف جديد ولم يتم ضخ دماء جديدة وزادت البطالة على بطالة وزادت معاناة من تقاعدوا وانخسفت رواتبهم الى ادنى علما ان متطلباتهم قد زادت بحجم عائلاتهم واولادهم الذين هم على مقاعد الدراسة . اما الهيئات المستقلة ليس لديها اي ترهل وهي خارج التغطية والضخ اليها دماء جديدة من بنوك دم خاصة …
ان فكرة ترشيد الجهاز الحكومي والقضاء على البطالة لا يستقيمان لأن القطاع الخاص محدود الوظائف وخاصة بالنسبة للجامعيين ولا يوجد لدينا مصانع او مشاريع تستوعب الآلاف فلا يبقى الا الجهاز الحكومي عليه ان يستوعب هؤلاء الشباب حتى ولو كان هناك ترهل اداري كما يقال او زيادة في الموظفين فلا يوجد حل غير ذلك لأن هذا مسؤولية الدولة في تأمين حياة كريمة لكل مواطن من خلال تأمين عمل أو وظيفة له ولو بالحد الادنى , كيف يستقيم كل فترة مطالبة النواب او المجتمع المحلي من القوات المسلحة والاجهزة الامنية بالتجنيد مساعدة في امتصاص جزء من البطالة ولا يطلب من جهاز الخدمة المدنية زيادة التوظيف في الجهاز الحكومي المدني … ؟! هل مسموح ومطلوب الترهل هنا وممنوع هناك ؟! مع ان الاجهزة الامنية لا تطلب الا حاجاتها فقط ولا مجال للترهل , ما يمنع ان يكون لكل موظف مدني في بعض الوظائف الفنية والمحاسبية او التي تؤثر على سير العمل في الدوائر الحكومية المختلفة في حالة غياب الموظف لأي سبب بأن يكون له بديل يحافظ على سير العمل وخدمة الدائرة او خدمة المواطنين في حالة الدوائر الخدمية ؟! . هناك بعض الدوائر تنتج اموال من خلال طبيعة عملها الضريبي او الخدمي مثل دائرة الاحوال المدنية والاراضي والمساحة فتستطيع دفع رواتب موظفيها منها وفيها .
الاقتراح الأهم الذي يجب ان يعمل به ودراسته جيدا وهو موجه للحكومة ومجلس النواب الكريم الجديد عسى ان يكون باكورة اعماله ويتبناه ويعمل على تنفيذه وهو اصدار تعليمات او نظام او ما شابه بأن يتم تعيين كل متقدم للوظيفة العامة بلغ عمره ثلاثين سنة فورا وبدون اي تردد واعفائه من كل هذه الامتحانات والعوائق المختلفة التي هدفها المماطلة باستثناء الفحص الطبي اذا لزم لبعض الوظائف واعفاء هؤلاء وخاصة خريجو الجامعات الاردنية ما عليهم قروض للجامعات او صناديق الطلبة او التعليم العالي من سدادها , لا اعرف متى سيسدد هؤلاء الطلبة ديونهم وهم بلا عمل وعلى فرض التوظيف في ذلك السن هل بقي من العمر أكثر من ما مضى وشيوخنا تصرخ ليل نهار بالصوت العالي ان اعمار امتنا من ستين الى سبعين عاما فما يصنع الشخص بهذه المدة من ترتيب امور حياتية وزواج وغيره وسداد ديون اخرين تكلف بها اثناء البطالة ؟! هذا اذا اكمل هذه المدة من عمره وله نصيب في الحياة لتلك الفترة ….
نرجو من مجلس النواب الكريم تبني الفكرة والعمل عليها واعتبارها شرطا لمنح الثقة للحكومة واعتبار التشاركية بين المجلس والحكومة وكلهم يحمل هم المواطن واذا حصل ذلك نوعدكم ونوعد نائبنا المحترم بأننا سوف نصفق لكم طويلا اه والله سوف نصفق لكم طويلا لأنه منذ عدة مجالس نيابية مضت نفسنا نصفق لأحدهم عمل انجازا للمواطنين نرجو ان لا تخيبوا املنا وظننا فيكم ونرجو لكم التوفيق والسداد في خدمة الوطن وكل عام والوطن وقيادته والشعب الاردني بألف خير وسلامة …

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى