” شيطاني فلت مني !” / د . محمد شواقفة

” شيطاني فلت مني !”

كل عام في رمضان احاول ان اغتنم الفرصة كي أكف قلمي و لساني كنوع من ترويض النفس و تأديبها …. لكن ما يدور حولنا و من فوقنا و من أسفل منا و من جانب لا يدع لمحاولاتي الفاشلة أي مجال للنجاح …
لم يستفزني خلافنا الازلي عن بداية رمضان و الذي اعتدنا عليه كل عام … و خصوصا أن ذلك نقاش لا يقدم و لا يؤخر و الجدل في ذلك الامر محسوم … فكل بلد تصوم مع شيخها …سواء أعجبهم أم لم يعجبهم …. و لا خلافنا على عدد ركعات التراويح … أو البحث عن شيخ صوته جميل و سريع و ينهي التراويح مع بداية المسلسل الشيق او بتوقيت ملائم مع جاهزية القطايف …. و لا اختلافنا على ما يجوز ولا يجوز. …و ما يفطر و ما لا يفطر …. فهذه باتت طقوس اجتماعية لا بد منها في كل رمضان …. و فعلا افتقد كل ما لا نحبه في رمضان من ساعات الزحام و الانتظار قبل الافطار عند المخبز … او محل القطايف … او المخللات او التمر هندي و غيره من الاشربة و الاطعمة …. و لا يرهقني ان اشهد بعض المشاكسات و المناوشات بين الناس على اسباب تافهة …. و فعليا افتقدها كثيرا … و افتقد بصراحة للازمات و الاختناقات المرورية و للشرطي الذي يكاد يتسبب في مصيبة بحركاته العشوائية على الدوار … و قد يعتقد البعض انني ابالغ اذا قلت انني افتقد الضوضاء و الزوامير …
بعيدا عن كل ذلك … احاول ان اتجنب مشاهدة التلفزيون و الاقلال من تناول الحلويات و الامتناع عن التدخين و اعاهد نفس على المواظبة على الصلاة و قراءة القرآن و ان اكون محترم و لو لفترة قصيرة …
تطالعنا الاخبار بفيديو احترت في وصفه او فهم مغزاه … انتجته احد شركات الاتصالات … يتوسل فيه طفلا عربي الملامح بعض رؤساء العالم لأجل قضيتنا الاجل و الاهم ” القدس”… صدقا لم استطع ان استوعب ماهية النص او الحوار او الرسالة و عجزت رغم انني شاهدته قبل و بعد الافطار عن استخلاص ما يقصده من انتج هذا الفيديو … لم يسعفني ذكائي استيعاب ان اللعين ترمب الذي يعرف القاصي و الداني تحيزه لعدونا الازلي و دعمه اللامحدود بات رئيسنا… و لم افهم اكثر ما دور الخبيث بوتين و الذي دعم المجرم بشار في ابادة شعبه و كيف له ان ينقذ ما تبقى لنا من كرامة… طبعا كان صعبا جدا علي ان افهم ما دور رئيس كوريا الشمالية في الفيديو … الا اذا كان رسالة مبطنة ليقصفنا بالنووي و ينهي حالتنا الميؤوس منها من التخلف و الانحطاط…
لم اضحك و لم أجده اكثر من مهزلة أن الفيديو اختزل كل همومنا و هزائمنا و ضعفنا في امنية لنفطر في قدس الاقداس …
يظهر لنا عبر الفضاء احد شيوخ الديجتال اسمه عمرو خالد و يدعونا بورع يكاد يفطر القلب و يدمي القلوب للحفاظ على صحتنا و اجسادنا لكي نؤدي الطاعات على اكمل وجه … و بعد ان اغرورقت عيناي بالدموع و كدت اجهش بالبكاء وانا اترقب سر النجاح و الفلاح و اذا به يعطينا الجواب : دجاج الوطنية !!!
نزلت الى التسوية و أطلقت شيطاني …ذهبت لمحل الحلويات و لم اترك صنفا من شري و اخبرت شريكة العمر بأنني لم أك جادا أبدا بموضوع الحمية …. و بحثت في الزاوية عن عدة الارغيلة ….

” رمضانكم كريم”

مقالات ذات صلة
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى