جلد الذات خوله

 جلد الذات
خوله كامل الكردي
لماذا يشعر بعض الناس بتانيب الضمير عندما يقترفون خطيئة في حياتهم، لان هؤلاء الناس يحملون في دواخلهم قدر من الخير والايمان، فلولا فسحة الايمان التي في قلوبهم والعقلانية في الموازنة بين الامور، ما تحركت ضمائرهم ولو لبرهة لكن في المقابل يشعر اخرون بتانيب ضمير يفوق حجم الخطا الذي وقعوا فيه! فيجلدون انفسهم بلومها بشدة والقسوة عليها، فيلجاون الى عقابها بشكل دائم ومتواصل، ولا يشعرون انهم يظلمون انفسهم ويحملونها فوق طاقتها، بدل ان يفتحوا صفحة جديدة في حياتهم لمراجعة اسباب الاخطاء التي وقعوا فيها.
فجلد الذات لا يستقيم مع عزم الانسان على التعلم من اخطاء الماضي، وتصميمه على البدء من جديد في حياة يملؤها الاصرار والنظر الى القادم بعين المتفائل المتشبث بالامل ولا يعرف للاحباط طريق، فهو يرى نفسه كمحارب شجاع يواجه المخاطر والمغريات بكل صبر وثبات، ليصبح انسانا ايجابيا منتجا ومفيدا لمجتمعه، لا ان يكون شخصا مستسلما لاول مشكلة تواجهه، فكم من اشخاص فقدوا الامل بمجرد فقدهم لاعزاء عليهم، لم يطيقوا لوعة الفراق فاثروا الانعزال وجلد انفسهم ولومها على تقصير باعتقادهم انهم قاموا به، فاولئك لن يكونوا اشخاصا فاعلين ومنتجين في مجتمعاتهم، بل سيكونون من اكثر الافراد الذين يشكلون عبئا ثقيلا على مجتمعاتهم واسرهم بشكل اساسي، ولن يكون بمقدورهم تقديم اي شئ للمحيطين بهم، ولا لانفسهم فيقبعون على الهامش يستجدون الخلاص من الدوامة التي اغرقوا انفسهم بها ولم يستطيعوا الفكاك منها.
ان اولئك الذين استمرؤوا معاقبة انفسهم ومحاسبتها بقسوة والحكم عليها بلا رحمة! فهم القاضي والجلاد بذات الوقت، هم اكثر الاشخاص يحتاجون العون والمساعدة، فما معنى ان يفقد المرء عزيزا عليه اما بالموت او الهجران بسبب خلاف حاد، ويرفض ان يكمل حياته كانسان طبيعي تعرض لمحنة وشدة وبصبر وارادة استطاع ان يتجاوزها بكل سهولة، لا ان تتوقف حياته ويركن الى الانعزالية ولوم النفس باستمرار، والتي قد تؤدي به الى الاكتئاب وربما تتدهور حالته الى انهاء حياته بشكل دراماتيكي مؤسف.
ختاما
كل انسان معرض للوقوع في الخطا وان يبتلى بالمحن، والعاقل من اتعظ وكف عن التفكير بالامور الغير مجدية ولا تجر عليه سوى الندم وويلاته والحسرة على ماض ولا وانتهى وعفى عنه الزمن، ليبدا بداية جديدة مفعمة بالاصرار والامل وبناء حياته من جديد، على قاعدة الثقة بالنفس ومراجعة الذات لاخذ الدروس والعبر، لا ان ياخذ له ركن ويعزل نفسه بعيدا عن الناس ويعيش بقية حياته منعزلا مريضا لا نفع منه.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى