ليلة القبض علي الوزير / عبد الفتاح طوقان

ليلة القبض علي الوزير

تقشعر الابدان عند سماع أن خريج سجون قاتل اصبح وزيرا في دول العالم المتحضر في الوقت أن سياسة الحكومة الاردنية التي يرأسها الدكتور هاني الملقي تسمح لمن يخرج من السجن أو من يحكم عليه بالسجن الاندماج و التعايش في مجتمع “مخملية الوزراء” و يمنح لقب معالي ووزير منطلقا من مقولة اخطتها الحكومة “ السجين و القاتل لا يعيبه شيء و مرحب به وزيرا”.

أين القدوة و المثل الذي يمكن ان نقدمه للجيل و الشباب ؟ ، و ما هي الدوافع وراء مثل تلك الخيارات ؟ ، و هل الاردن بلدا نضب به الشرفاء من وجهة نظر الرئيس ؟ ، ما هي السلوكيات التي ستدرس في المدارس لبناء منظومة المستقبل ، ما هي نوعية الاخلاق التي ستحكم وتسود ؟ ومن يتحمل سؤ الاختيار ؟ .

ليست القضية أن صاحب رأي سياسي معارض سجن لارائه ثم خرج و نجح في انتخابات اتت به وزيرا ، لا القضية هنا قاتل و مجرم مره يصبح وزيرا لساعات ، و الثانية متحايل علي القانون معيقا لسير القضاء مرة اخري ولنفس الوزارة ، و الحبل علي الجرار .

و عوضا عن سجن وزير مرتشي ، او وزير حقق مصالح خاصة ، او وزير خائن ، او وزير فاسد متهم في قضية يعاقب علي افعاله ، تحول الوضع الي بحث حكومي عن قاتل او معيق للقانون لاجل ان يصبح وزيرا ، لم تعد “ ليلة القبض علي وزير” مهمة بقدر تمرير “ليلة تحويل قاتل الي وزير”.

اليس هناك علامات استفهام هنا ؟ ام انه اهمال في التعرف علي الماضي ؟ ام تغليب العلاقة الشخصية علي مصلحة الوطن ؟ ،ماذا يحدث ؟ و من يحاسب ؟ و كأن رئيس الحكومة محصنا من المسائلة القانونية ؟ ، كل ذلك بحاجة الي مجلس نواب قوي يراجع ما يحدث و يضع حدا لتلك المهزلة .

يبدو أن الرئيس تآثر بفيلم كلينت ايستوود “ نص دستة اشرار “ الذي عرض في عام ١٩٦٧ ، و قصته تدور حول الحرب العالمية الثانية، حيث تم تعيين و اختيار 12 من القتلة المدانين المسجونيين لتدريبهم وقيادتهم الى مهمة اغتيال جماعية من الضباط الالمان ، و لكن كانوا كلهم اشرار و قتله في مهمة انتحارية لخدمة وطنهم ، فأين الخدمة التي يراها رئيس الحكومة في خياراته و لمصلحة من ؟و هل فعلا لدي الرئيس نفس الفكرة ام ان الخيارات دليل عدم قدرة علي انتقاء الوزراء ؟ ثم لماذا اختيار وزراء من المدانيين و قيادتهم الي مهمة اغتيال شرفاء الوطن و الوطن معا ؟.

انها قصة مؤلمة حقا ان يري الشعب الاردني الطيب و الشريف و الصادق و الامين ان الخيارات سيئه و لا يزال الرئيس و حكومته في موقعها دون أن يقال و تقال . أن الحكومة بتلك الخيارات تزعزع القيم و تشرع لانهيار السلوكيات .

و هنا لا بد من وقفة لسؤال رئيس الوزراء عن سر العلاقة القوية مع مصلحة السجون ، هل اصبحت المصلحة مورد رئيس للوزراء في حكومته ؟ ، هل يري دولته في خريجي السجون مميزات أو واسطة لا تتوفر للاخرين لا يعرفها عامة الشعب ؟، هل لدي المجرم القاتل او من يتحايل علي القانون و يعيق مسراه كفاءات و مؤهلات اكثر من “ المثقف القدوة”.

هناك من يري ان الاردن في عهد حكومة الملقي يعيش “ الانقلابات الفكرية للاخلاقيات المجتمعية “ حيث يصبح منفذ جريمة القتل و السجين القاتل و المحكوم عليه بتهم التحايل و اعاقة القانون وزيرا ، بل أنه يضع مقياس جديد لانتقاء الوزراء في زمن فات الاوان علي “الشرفاء المخلصين للعرش و الوطن “ وسنت فيه قوانين التضييق علي “ العلماء الامناء القادرين علي رفع شأن الامة”.

خيارات رئيس الحكومة لطاقم ضعيف منذ اول تكليف له ، ثم اختياراته المتكرره لمن عليهم علامات استفهام و لديهم سوابق و خريجي سجون تثير الجدل ، و كأن الشعب يعيش في مسلسل باهت من دراما الرئيس و لوازم حكومة الكوميدية السوداء المحشوة باختيارات خاطئه لا تمت الي اخلاقيات و اعراف الاردن .

لقد قلبت الحكومة الحق و بدا أن الشريف الصادق عليه ان يذهب الي السجن حتي يؤهل لمنصب وزاري ، و اصبح التبجح واضحا في اضافة لقب “معالي “ لقاتل مجرم و “معالي “ لمن يعيق القضاء و الله اعلم من القادم الجديد من خلف القضبان اذا ما استمرت الحكومة في وضعها دون مراعاة لظروف و اخلاقيات العمل السياسي.

عموما كما يقول المثل “ البس ياهاني خياراتك “ و تحمل نتائج الاستهتار في البحث و التمحيص عن وزراء بلا سوابق ، و عن التغاضي عن شرفاء الوطن .

و اذا كنت من اشد المطالبين بمجلس استشاري لمحاربة فساد الوزراء ، فاني اليوم ادعو الي مجلس استشاري لمحاربة حكومة النصيب الاكبر لسؤ اختيار الوزراء .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى