جرائم العاملات في المنازل ، ناقوس الخطر يدق !!

جرائم العاملات في المنازل ، ناقوس الخطر يدق !!

د . فارس العمارات
لقد أصبحت الحاجة إلى العمالة المنزلية في المجتمع الاردني من الضرورات بعض الشيئ ومن الكماليات في بعضها الاكبر والتي يصعب التراجع عنها، وفي الاشهر الاخيرة يلاحظ تزايد الجرائم التي تقترفها بعض خادمات المنازل ضد الاطفال وكبار السن ، فبدلاً من إسهام الخادمة في ادخال الراحة والسعادة على الأسرة ، فإنها بدأت تجلب الرعب والمآسي والويلات، وإذا نظرنا إلى الأسباب التي تقف وراء السلوك الوحشي لبعض الخادمات اللاتي اقترفن جرائم القتل في حق أبرياء، فمن الصعب أن يعزى ذلك إلى سبب واحد، ويستلزم الأمر دراسة تستهدف التحليل العلمي لشخصية الجاني وخلفيته الاجتماعية والثقافية، ولكن على المستوى العام يمكن ان نعزي السبب الى عدد من العوامل المسببة لمثل هذا السلوك الشنيع الخارج عن نطاق الأخلاق الإنسانية، فمن ناحية قد يمثل هذا السلوك الوحشي تعبيراً عن الحالة النفسية والمزاجية التي تعيشها الخادمة ، فبعض الخادمات يفشلن في تحقيق التوافق والانسجام مع بيئة العمل الجديدة، خصوصاً عندما ينتابهن شعور عميق بالوحدة والعزلة الاجتماعية وقلة فرص الكلام والتحدث داخل الوسط الجديد ، وقد يتزايد ذلك في شكل ضغط نفسي تتولد عنه حالة من الاكتئاب الشديد الذي تتشوه معه إدراكات الشخص لعلاقاته مع المحيط الاجتماعي الذي يعيش فيه، ويمكن ان يتحول سلوك الخادمة في هذه المرحلة من سلوك سلمي وطبيعي، إلى سلوك عنيف ومدمر، وقد أثبتت الكثير من الدراسات النفسية وجود علاقة سببية بين اضطراب الاكتئاب الحاد وبين اقتراف بعض الجرائم ذات الطابع العنيف ضد الغير وحتى ضد الذات ، كما يظهر ذلك في حالات الانتحار، وتشير البحوث إلى أن الاكتئاب مسؤول عن 80 % من حالات الانتحارالتي تقترف سواء من قبل العاملات او من قبل غيرهم . أيضاً يمكن أن يجتمع عامل الغيرة المرضية لدى بعض الخادمات مع عوامل محرضة أخرى، مما يدفع بعض الخادمات إلى اقتراف جرائم ضد واحدٍ أو أكثر من أفراد الأسرة التي تعمل الخادمة لديها، فمثلا إذا شعرت العاملة بكثرة الأعباء المنزلية مع تلقيها معاملة قاسية وتعنيف من قبل الأسرة ، فقد تشعر بدونية الذات وتستثار بداخلها الغيرة (المرضية) من مستوى المعيشة والرفاه الذي تعيشه بعض الأسر، فيظهر السلوك العدواني للخادمة كتعبير عن تلك الغيرة المحتقنة بداخلها.

وهناك عامل تفسيري آخر يتصل بالعقائد والموروث الثقافي لبعض الخادمات ويُرجّح أن يكون هذا العامل مسؤولا عن الكثير من حالات القتل ، فمثلاً بعض العاملات يحملن اعتقاداً بقوى خفية تستند إلى السحر والخرافة، وهذا الاعتقاد يُملي على الخادمة التي رسخ لديها مثل هذا الاعتقاد، ألا سبيل لتكفير ما سبق أن اقترفته من ذنوب وأخطاء أو جرائم، إلا بتقديم «قربان» فتبحث ببشاعة عن هذا «القربان» منسلخة عن أي قيم أو مثل أو أخلاق.

ولعل حوادث القتل التي جرت على أيدي بعض الخادمات يشير إلى أن الضحية دائماً يكون اما طفلا او كبار السن ، لأن الجانية تستهدف الأضعف والأسهل في تنفيذ فعلتها البشعة ومن هنا فلا بد ان يكون هناك اجراءات احترازية تتمثل في جانب المستوى الرسمي الذي من الضرورة ان يكون هناك إجراء فحص حالة الصحة النفسية للعاملة قبل أن تبدأ العمل في منزل الأسرة، أيضاً ضرورة التنسيق مع بلدان الاستقدام حتى لا يتم استقدام أصحاب السوابق الجنائية أو من يعانون من اضطرابات نفسية، وعلى المستوى الأسري، ينبغي أن تُحسِن العائلة معاملة العاملة ، وأن تُعط الخادمة فترة راحة ونوم تكون كافية لراحة العاملة بالاضافة الى انه ينبغي أن تكون ربة المنزل هي من تعطي التوجيهات من خلال سلوكيات مناسبة، وألاّ تكلّف العاملة المنزلية بأعمال تزيد عن المهام التي تلقى عليها وترتيب المنزل، بالاضافة ان على ربة المنزل ان لا تتجه الى ارغام العاملة على حمل الأثقال، وترك الاطفال بمفردهم مع العاملة فهي مجرد عاملة نظافة لا مربية حسب العقد، بالاضافة الى ان على ربة المنزل ان تراقب العاملة بطريقة حذقة لمعرفة ما إذا كانت العاملة تحتفظ بشيء من أدوات السحر والشعوذة حتى يكون كل من الاسرة والاطفال يعيشون بشكل امن وبعيداً عن اية محاولات من قبل العاملة لاقتراف العنف ضدهم .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى